![]() |
#51
|
|||
|
|||
![]()
ثَانِيًا: ( حُرُوفُهَا ) 1
أَمَّا الرَّوِيُّ فَهْوَ حَرْفٌ بُنِيَتْ *** قَصِيدَةٌ عََلَيْهِ أَيْضًا نُسِبَتْ 2 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 1 ـ حُرُوفُ الْقَافِيَةِ هِيَ مَجْمُوعُ الْحُرُوفِ الَّتِي يَجِبُ عَلَى الشَّاعِرِ إِذَا أَتَى بِهَا فِي مَطْلَعِ شِعْرِهِ أَنْ يَلْتَزِمَ بِهَا فِي بَقِيَّتِهِ إِمَّا بِعَيْنِهَا أَوْ بِنَظِيرِهَا كَالدَّخِيلِ . وَقَدْ أَشَرْتُ إِلَى هَذِهِ الْحُرُوفِ بِقَوْلِي : حُرُوفُهَا سِتٌّ رَوَى الْخَلِيلُ *** وَهَذِهِ الرَّوِيُّ وَالدَّخِيلُ وَالرِّدْفُ وَالتَّأْسِيسُ ثُمَّ الْوَصْلُ *** ثُمَّ الْخُرُوجُ آخِرًا يَحِلُّ 2 ـ ذَكَرَ الشَّيْخُ فِي هَذَا الْبَيْتِ الرَّوِيَّ ، فَقَالَ : إِنَّهُ الْحَرْفُ الَّذِي تُبْنَى عَلَيْهِ الْقَصِيدَةُ ؛ حَيْثُ يَعْتَمِدُ الشَّاِعُر حَرْفًا مِنَ الْحُرُوفِ الصَّالِحَةِ لِلرَّوِيِّ ، فَيُهَيِّئُ عَلَيْهِ بَيْتًا ثُمَّ يَلْتَزِمُ تِلْكَ التَّهْيِئَةَ إِلَى آخِرِ قَصِيدَتِهِ ، فَتَتْبَعُ جَمِيعُ الْأَبْيَاتِ ذَلِكَ الْحَرْفَ وَتُبْنَى عَلَيْهِ ، وَتُنْسَبُ إِلَيْهِ الْقَصِيدَةُ ، فَيُقَالُ : قَصِيدَةٌ مِيمِيَّةٌ أَوْ سِينِيَّةٌ ... الخ قُلْتُ فِيهِ : رَوِيُّهَا حَرْفٌ عَلَيْهِ بُنِيَتْ *** قَصِيدَةٌ ثُمَّ إِلَيْهِ عُزِيَتْ بِالْعَيْنِ لَا بِمِثْلِهِ التَّكْرَارُ *** لَهُ كَمَا أَتَتْ بِهِ الْأَشْعَارُ وَهُوَ عِنْدَ الْمَطْلَعِ اخْتِيَارِي *** لَكِنَّهُ مِنْ بَعْدِهِ إِجْبَارِي وَالسُّؤَالُ الْآنَ : هَلْ كُلُّ حَرْفٍ يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ رَوِيًّا ؟ وَأَقُولُ : كُلُّ حَرْفٍ يَصْلُحُ أَنْ يَقَعَ رَوِيًّا إِلَّا سَبْعَةَ أَحْرُفٍ لَا يَصْلُحُ بَعْضُهَا لِلرَّوِيِّ مُطْلَقًا ، وَبَعْضُهَا لَا يَصْلُحُ فِي مَوَاضِعَ . وَإِلَيْكَ هَذِهِ الْحُرُوفَ وَالْمَوَاضِعَ الَّتِي لَا تَقَعُ فِيهَا رَوِيًّا ، أَذْكُرُهَا لَكَ عَلَى سَبِيلِ الِاخْتِصَارِ مِمِّا ذَكَرَهُ الدَّمَنْهُورِيُّ فِي حَاشِيَتِهِ : الْحَرْفُ الْأَوَّلُ : التَّنْوِينُ سَوَاءٌ أَكَانَ لِلصَّرْفِ أَمْ لَا ، نَحْوُ : زَيْدٍ ، وَصَهٍ ، وَيَوْمَئِذٍ ، وَمُسْلِمَاتٍ ، وهو أَيِ التَّنْوِينُ ـ بِجَمِيعِ أَنْوَاعِهِ ـ لَا يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ فِي الشِّعْرِ رَوِيًّا تُبْنَى عَلَيْهِ الْقَصِيدَةُ بَلْ وَلَا وَصْلًا . الْحَرْفُ الثَّانِي : أَلِفُ الْمَدِّ الزَّائِدَةُ لَا الْأَصْلِيَّةُ ، وَلَا تَصْلُحُ لِلرَّوِيِّ فِي خَمْسَةِ مَوَاضِعَ ، وَهِيَ : أ ـ أَنْ تَكُونَ ضَمِيرَ تَثْنِيَةٍ كَمَا فِي : قَامَا . ب ـ أَوْ تَكُونَ لِبَيَانِ حَرَكَةِ بِنَاءِ الْكَلِمَةِ كَمَا فِي قَوْلِهِ : فَقَالَتْ صَدَقْتَ وَلَكِنَّنِي *** أَرَدْتُ أُعَرِّفُهَا مَنْ أَنَا . ج ـ أَوْ تَكُونَ لِلْإِطْلَاقِ ، وَتُسَمَّى أَلِفَ الْإِشْبَاعِ ، أَوِ التَّرَنُّمِ كَقَوْلِهِ : أَقِلِّي اللَّوْمَ عَاذِلَ وَالْعِتَابَا *** وَقُولِي إِنْ أَصَبْتُ لَقَدْ أَصَابَا د ـ أَوْ تَكُونَ مُبْدَلَةً مِنْ تَنْوِينِ الْمَنْصُوبِ وَقْفًا ، كَرَأَيْتُ زَيْدَا ، أَوْ مِنْ نُونِ التَّوْكِيدِ الْخَفِيفَةِ وَقْفًا ، كَقَوْلِهِ : وَإِيَّاكَ وَالْمَيْتَاتِ لَا تَقْرَبَنَّهَا *** وَلَا تَعْبُدِ الشَّيْطَانَ وَاللهَ فَاعْبُدَا وَهَذِهِ الْأَلِفَاتُ السَّابِقَةُ يَتَعَيَّنُ أَنْ َتُكونَ وَصْلًا كَمَا سَيَأْتِي ـ إِنْ شَاءَ اللهُ ـ هـ ـ أَنْ تَكُونَ لَاحِقَةً لِضَمِيرِ الْغَائِبَةِ كَمَا فِي قَوْلِهِ : يُوشِكُ مَنْ فَرَّ مِنْ مَنِيَّتِهِ *** فِي بَعْضِ غِرَّاتِهِ يُوَافِقُهَا وَهَذِهِ لَا تَصْلُحُ لِلْوَصْلِ كَمَا لَا تَصْلُحُ لِلرَّوِيِّ ، وَإِنَّمَا هِيَ خُرُوجٌ . الْحَرْفُ الثَّالِثُ : يَاءُ الْمَدِّ بِشَرْطِ أَنْ تَكُونَ زَائِدَةً لَا أَصْلِيَّةً ، وَلَا تَصْلُحُ لِلرَّوِيِّ فِي ثَلَاثَةِ مَوَاضِعَ : أ ـ أَنْ تَكُونَ لِلْإِطْلَاقِ . ب ـ أَوْ تَكُونَ ضَمِيرَ الْمُتَكَلِّمِ كَغُلَامِي ، أَوْ يَاءَ الْمُخَاطَبَةِ كَاضْرِبِي . وَهَاتَانِ الْيَاءَانِ تَعَيَّنَ كَوْنُهُمَا لَلْوَصْلِ . ج ـ إِذَا كَانَتْ لَاحِقَةً لِِضَمِيرٍ مَبْنِيٍّ عَلَى الْكَسْرِ نَحْوُ : مَرَرْتُ بِهِي ، وَهَذِهِ لَا تَصْلُحُ أَنْ تَكُونَ وَصْلًا كَذَلِكَ ؛ فَإِنَّ الْوَصْلَ هُوَ الضَّمِيرُ ( الْهَاءُ ) ، وَإِنَّمَا هِيَ خُرُوجٌ . الْحَرْفُ الرَّابِعُ : وَاوُ الْمَدِّ الزَّائِدَةُ لَا الْأَصْلِيَّةُ ، وَلَا تَكُونُ رَوِيًّا فِي : أ ـ إِذَا كَانَتْ لِلْإِطْلَاقِ كَقَوْلِهِ : سُقِيتِ الْغَيْثَ أَيَّتُهَا الْخِيَامُ ب ـ أَوْ كَانَتْ وَاوَ الْجَمَاعَةِ الْمَضْمُومَ مَا قَبْلَهَا كَضَرَبُوا . ج ـ إِذَا كَانَتْ لَاحِقَةً لِلضَّمِيرِ نَحْوُ : ضَرَبْتُهُمُو ، وَكُلُّهُمُو . وَهَذِهِ الْوَاوَاتُ يَلْزَمُ أَنْ تَكُونَ وَصْلًا . وَمِمِّا سَبَقَ يَتَبَيَّنُ أَنَّ حُرُوفَ الْمَدِّ الثَّلَاثَةَ الزَّائِدَةَ لَا تَصْلُحُ لِلرَّوِيِّ فِي الْمَوَاضِعِ الْمَذْكُورَةِ ، وَتَتَعَيَّنُ لِلْوَصْلِ إِلَّا فِي حَالَتَيْنِ لَا تَصِلُحُ فِيهِمَا الْأَلِفُ وَالْيَاءُ لَا لِلرَّوِيِّ وَلَا لِلْوَصْلِ . الْحَرْفُ الْخَامِسُ : نُونُ التَّوْكِيدِ الْخَفِيفَةُ كَأَصَابَنْ وَاكْتُبَنْ ، وَقِيلَ بِأَنَّهَا قَدْ تَقَعُ رَوِيًّا عَلَى نُدْرَةٍ كَقَوْلِهِ : قِفْ عَلَى دَارِسَاتِ الدِّمَنْ *** بَيْنَ أَطْلَالِهَا وَابْكِيَنْ الْحَرْفُ السَّادِسُ : الْهَاءُ ، وَهَذِهِ لَا تَكُونُ رَوِيًّا فِي مَوَاضِعَ : أ ـ إِذَا كَانَتْ هَاءَ سَكْتٍ ، وَهِيَ الَّتِي يَتَبَيَّنُ بِهَا الْحَرَكَةُ نَحْوُ : ارْمِهْ ، وَاغْزُهْ ، وَفِيمَهْ ، وَاقْتَدِهْ ، كَمَا فِي قَوْلِهِ : بِالْفَاضِلِينَ أُولِي النُّهَى *** فِي كُلِّ أَمْرِكَ فَاقْتَدِهْ ب ـ إِذَا كَانَتْ ضَمِيرًا مَحَرَّكًا مَا قَبْلَهَا : صَحَا الْقَلْبُ عَنْ سَلْمَى وَأَقْصَرَ بَاطِلُهْ *** وَعُرِّيَ أَفْرَاسُ الصِّبا وَرَوَاحِلُهْ وَكَقَوْلِهِ : كُلُّ امْرِئٍ مُصَبَّحٌ فِي أَهْلِهِِ *** وَالْمَوْتُ أَدْنَى مِنْ شِرَاكِ نَعْلِهِ وَنُلَاحِظُ مِنَ الْمِثَالَيْنِ هَنَا أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِي الْهَاءِ تَحَرُّكٌ أَوْ سُكُونٌ ج ـ أَنْ تَكُونَ مُنْقَلِبَةً عَنْ تَاءِ التَّأْنِيثِ كَمَا فِي قَوْلِهِ : ثَلَاثَةٌ لَيْسَ لَهَا رَابِعٌ *** الْمَاءُ وَالْبُسْتَانُ وَالْخَمْرَهْ وَهَذِهِ الْهَاءَاتُ يَتَعَيَّنُ أَنْ تَكُونَ وَصْلًا . الْحَرْفُ السَّابِعُ : الْهَمْزَةُ الْمُبْدَلَةُ مِنَ الْأَلِفِ فِي الْوَقْفِ عِنْدَ بَعْضِهِمْ كَقَوْلِهِمْ : رَأَيْتُ جَبَلَأْ ، وَأُرِيدَ أَنْ أَضْرِبَهَأْ ، وَهَذِهِ لَا تَصْلُحُ أَنْ تَكُونَ وَصْلًا . وَالْخُلَاصَةُ : أَنَّ الْحُرُوفَ الَّتِي لَا تَصْلُحُ لِلرَّوِيِّ هي : التَّنْوِينُ ، وَحُرُوفُ الْمَدِّ الزَّائِدَةُ فِي الْمَوَاضِعِ الَّتِي ذُكِرَتْ ، وَنُونُ التَّوْكِيدِ الْخَفِيفَةُ ، وَالْهَاءُ الزَّائِدَةُ الْمُتَحَرِّكُ مَا قَبْلَهَا ، وَالْهَمْزَةُ الْمُبْدَلَةُ مِنَ الْأَلِفِ . وَبَعْضُ هَذِهِ الْحُرُوفِ يَتَعَيَّنُ أَنْ تَكُونَ وَصْلًا ، وَبَعْضُهَا لَا يَصْلُحُ لِلْوَصْلِ كَمَا مَرَّ. وَقَدْ أَشَرْتُ إِلَيْهَا بِقَوْلِي : وَكُلُّ حَرْفٍ جَازَ عِنْدِي أَنْ يَقَعْ *** لَهَا رَوِيًّا غَيْرَ سَبْعَةٍ فَدَعْ وَهَذِهِ التَّنْوِينُ أَيًّا كَانَا *** لِلصَّرْفِ أَمْ لِغَيْرِهِ قَدْ بَانَا ثُمَّ مَزِيدُ الْمَدِّ إِنْ تَطَرَّفَا *** مَا صَحَّ فِي مَوَاضِعٍ فَلْتَعْرِفَا وَهَمْزَةٌ قَدْ أُبْدِلَتْ مِنَ الْأَلِفْ *** عِنْدَ الَّذِي يُبِيحُ ذَاكَ إِنْ يَقِفْ وَالْهَاءُ فِي مُجْمَلِهَا إِذَا تَلَتْ *** مُحَرَّكًا وَلَمْ تَكُنْ تَأَصَّلَتْ كَسَكْتٍ اوْ ضَمِيرٍ اوْ مُنْقَلِبَهْ *** عَنْ تَاءِ تَأْنِيثٍ كَهَاءِ عِنَبَهْ وَنُونُ تَوْكِيدٍ خَفِيفَةٌ وَقَدْ *** قِيلَ الرَّوِيُّ نَادِرًا مِنْهَا وَرَدْ فَهَذِهِ لَيْسَتْ تَفِي رَوِيَّا *** وَمَا عَدَاهَا قَدْ أَتَى مَرْوِيَّا وَقَدْ تَعَيَّنَتْ هُنَا لِلْوَصْلِ *** وَلِلْخُرُوجِ بَعْضُهَا مِنْ وَصْلِ وَأَعْنِي بِالشَّطْرِ الْأَخِيرِ أَنَّ بَعْضَهَا يَتَعَيَّنُ أَنْ يَكُونَ خُرُوجًا مِنَ الْوَصْلِ كَمَا فِي أَلِفِ : يُوَافِقُهَا ، وَيَاءِ : بِهِي يُتْبَعُ ـ إِنْ شَاءَ اللهُ ـ |
#52
|
|||
|
|||
![]()
وَالْوَصْلُ لَيْنٌ جَاءَ عَنْ إِشْبَاعِ *** مِنَ الرَّوِي أَوْ هَاءُ اتِّبَاعِ 1
فَأَلِفٌ كَقَوْلِهِ ( الْعِتَابَا ) *** إِذْ مِنْ ( أَقِلِّي اللَّوْمَ ) قَدْ أَهَابَا 2 وَالْوَاوُ بَعْدَ ضَمَّةٍ يُرَامُ *** ( سُقِيتِ غَيْثًا أَيُّهَا الْخِيَامُ ) وَالْيَاءُ بَعْدَ كَسْرَةٍ قَدْ تَنْجَلِي *** مِنْ ( زَلَّتِ الصَّفْوَاءُ بِالْمُنَزَّلِ ) وَالْهَاءُ إِنْ تَسْكُنْ يَقُولُ صَاحِبُهْ *** ( مَا زِلْتُ أَبْكِي حَوْلَهُ أُخَاطِبُهْ ) 3 وَإِنْ تُرِدْ فَتْحًا تَرَاهُ فَوْقَهَا *** ( يُوشِكُ مَنْ فَرَّ ) فَقَدْ وَافَقَهَا وَإِنْ تُرِدْ ضَمًّا لَهَا يَرْوُونَهُ *** فَقَوْلُهُمْ فِي الشِّعْرِ ( يُحْسِنَونَهُ ) وَنُطْقُهَا مَكْسُورَةً كَقَوْلِهِ *** ( وَالْمَوْتُ أَدْنَى مِنْ شِرَاكِ نَعْلِهِ ) ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 1 ـ ذَكَرَ الشَّيْخُ ـ رَحِمَهُ اللهُ ـ فِي هَذَا الْبَيْتِ تَعْرِيفَ الْوَصْلِ ، فَقَالَ : إِنَّهُ حَرْفُ لِينٍ يَنْشَأُ عَنْ إِشْبَاعِ حَرَكَةِ الرَّوِيِّ ، أَوْ هَاءُ الِاتِّبَاعِ الَّتِي تَلِي الرَّوِيَّ هَذَا هُوَ تَعْرِيفُ الشَّيْخِ لِلْوَصْلِ تَبَعًا لِأَصْلِهِ ، وَيُؤْخَذُ عَلَيْهِ : أ ـ أَنَّهُ عَدَلَ عَنِ الْجِنْسِ الْقَرِيبِ ( وَهُوَ حَرْفُ الْمَدِّ ) إِلَى الْجِنْسِ الْبَعِيدِ ( وَهُوَ حَرْفُ اللِّينِ ) ، وَحَرْفُ الْمَدِّ أَخَصُّ وَأَقْرَبُ مِنْ حَرْفِ اللِّينِ ـ كَمَا هُوَ مَعْلُومٌ ـ فَكُلُّ حَرْفِ مَدٍّ حَرْفُ لِينٍ ، وَلَيْسَ الْعَكْسُ ، وَالْمَقْصُودُ هُنَا حُرُوفُ الْمَدِّ ؛ فَكَانَ التَّعْبِيرُ بِالْمَدِّ أَوْلَى . ب ـ فِي قَوْلِهِ : أَوْ هَاءُ اتِّبَاعِ كَسْرٌ وَلَوْ أَنَّهُ ـ رَحِمَهُ اللهُ ـ قَالَ كَمَا قُلْتُ : وَالْوَصْلُ مَدٌّ جَاءَ عَنْ إِشْبَاعِ *** رَوِيِّهَا أَوْ هَاءُ الِاتِّبَاعِ لَسَلِمَ مِنَ الْأَمْرَيْنِ ، ثُمَّ إِنَّهُ اقْتَصَرَ ـ رَحِمَهُ اللهُ ـ عَلَى حَرْفِ اللِّينِ وَالْهَاءِ مَعَ أَنَّ الْوَاقِعَ أَنَّ الْوَصْلَ قَدْ يَقَعُ بِغَيْرِ الْمَدِّ أَوِ الْهَاءِ ـ كَمَا سَيَأْتِي إِنْ شَاءَ اللهُ ـ مُلَاحَظَةٌ : كَلِمَةُ : ( لَيْنٍ ) إِذَا أُضِيفَ إِلَيْهَا شَيْءٌ كَانَتْ بِكَسْرِ اللَّامِ كَقَوْلِنَا : حَرْفُ لِينٍ ، أَمَّا إِذَا لَمْ يُضَفْ إِلَيْهَا شَيْءٌ كَـ ( هَذَا لَيْنٌ ) فُتِحَتْ لَامُهَا ، وَجَازَ فِي الْيَاءِ التَّشْدِيدُ وَالتَّخْفِيفُ كَمَيِّتٍ وَمَيْتٍ ، وَلَمَا كَانَتِ الْكَلِمَةُ فِي النَّظْمِ غَيْرَ مُضَافَةٍ فَقَدْ ضَبَطْتُهَا بِفَتْحِ اللَّامِ وَاخْتَرْتُ تَسْكِينَ الْيَاءِ لِلْوَزْنِ ؛ فَتَنَبَّهْ . 2 ـ أَخَذَ الشَّيْخُ ـ رَحِمَهُ اللهُ ـ يُمَثِّلُ فِي هَذَا الْبَيْتِ وَالَّذِي يَلِيهِ لِلْوَصْلِ إِذَا كَانَ مَدًّا : أَلِفًا وَوَاوًا وَيَاءً ، وَيُشِيرُ إِلَى الشَّوَاهِدِ ، وَهِيَ وَاضِحَةٌ ـ وَللهِ الْحَمْدُ ـ غَيْرَ أَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ أُشِيرَ إِلَى : أ ـ فِي قَوْلِهِ : ( أَيُّهَا الْخِيَامُ ) أَلْجَأَتْهُ الضَّرُورَةُ إِلَى تَرْكِ التَّاءِ فِي :( أَيُّهَا ) وَالْأَصْلُ : سُقِيتِ الْغَيْثَ أَيَّتُهَا الْخِيَامُ . ب ـ قَوْلُهُ : ( زَلَّتِ الصَّفْوَاءُ بِالْمُنَزِّلِ ) إِشَارَةٌ إِلَى قَوْلِ امْرِئِ الْقَيْسِ فِي مُعَلَّقَتِهِ : ( كَمَا زَلَّتِ الصَّفْوَاءُ بِالْمُتَنَزِّلِ ) وَقَدِ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي ضَبْطِ كَلِمَةِ : ( الْمُتَنَزِّلِ ) : فَمِنَ الْعُلَمَاءِ مَنْ رَآهَا اسْمَ مَكَانٍ فَفَتَحَ الزَّايَ ، وَعَلَيْهِ يَكُونُ الْمَعْنَى : بَالْمَحَلِّ الَّذِي يَنْزِلُ فِيهِ السَّيْلُ ، وَيَنْحَدِرُ فَيَأْخُذُ مَا كَانَ فِي طَرَيقِهِ مِنْ حَجَرٍ وَغَيْرِهِ ، وَمِنْهُمْ مَنْ رَآهَا اسْمَ فَاعِلٍ فَكَسَرَ الزَّايَ ، فَالْمُتَنَزِّلُ : ( السَّيْلُ ) ؛ وَعَلَيْهِ يَكُونُ الْمَعْنَى : بِالسَّيْلِ الَّذِي تَنَزَّلَ ، وَأَخَذَ الصَّخْرَةَ فِي طَرِيقِهِ ، هَذَا عَنْ ضَبْطِ الْكَلِمَةِ فِي الشَّاهِدِ فَمَاذَا عَنْ ضَبْطِهَا فِي نَظْمِ الشَّيْخِ ؟ أَقُولُ : إِنَّهُ عَلَى كِلَا الْمَعْنَيَيْنِ أَرَى ضَبْطَ كَلِمَةِ : ( الْمُنَزَّلِ ) الَّتِي جَاءَ بِهَا الشَّيْخُ بَدَلًا مِنْ الْمُتَنَزِّلِ لِلْوَزْنِ ـ بِفَتْحِ الزَّايِ الْمُشَدَّدَةِ اسْمًا لِلْمَكَانِ مِنْ : نَزَّلَ أَوِ اسْمَ مَفْعُولٍ بِمَعْنَى السَّيْلِ الْمُنَزَّلِ ، وَلَا تُضْبَطُ بِصِيغَةِ اسْمِ الْفَاعِلِ ، لِأَنَّ الْفِعْلَ : نَزَّلَ مُتَعَدٍّ بِخِلَافِ الْفِعْلِ : تَنَزَّلَ فَهُوَ لَازِمٌ ؛ فَلَا يُقَالُ : نَزَّلَ السَّيْلُ فهو مُنَزِّلٌ كَمَا يُقَالُ : تَنَزَّلَ السَّيْلُ فَهُوَ مُتَنَزِّلٌ ، وَاللهُ أَعْلَمُ 3 ـ شَرَعَ الشَّيْخُ فِي هَذَا الْبَيْتِ يَضْرِبُ أَمْثِلَةً لِلْوَصْلِ إِذَا وَقَعَ هَاءً مَشِيرًا إِلَى شَوَاهِدِهَا سَاكِنَةً وَمُتَحَرِّكَةٌ ، وَهِيَ وَاضِحَةٌ لَا تَحْتَاجُ إِلَى بَيَانٍ ، فَقَوْلُهُ : ( مَا زِلْتُ أَبْكِي حَوْلَهُ أُخَاطِبُهْ ) إِشَارَةٌ إِلَى قَوْلِهِ : وَقَفْتُ عَلَى رَبْعٍ لِمَيَّةَ نَاقَتِي *** فَمَا زِلْتُ أَبْكِي حَوْلَهُ وَأُخَاطِبُهْ وَقَوْلُهُ : ( يُوشِكُ مَنْ فَرَّ ) إِشَارَةٌ إِلَى قَوْلِهِ : يُوشِكُ مَنْ فَرَّ مِنْ مَنِيَّتِهِ *** فِي بَعْضِ غِرَّاتِهِ يُوَافِقُهَا وَقَوْلُهُ : ( يُحْسِنَونَهُ ) إِشَارَةٌ إِلَى قَوْلِهِ : فَيَا لَائِمِي دَعْنِي أُغَالِي بِقِيمَتِي *** فَقِيمَةُ كُلِّ النَّاسِ مَا يُحْسِنُونَهُ وَقَوْلُهُ : ( وَالْمَوْتُ أَدْنَى مِنْ شِرَاكِ نَعْلِهِ ) إِشَارَةٌ إِلَى قَوْلِهِ : كُلُّ امْرِئٍ مُصَبَّحٌ فِي أَهْلِهِ *** وَالْمَوْتُ أَدْنَى مِنْ شِرَاكِ نَعْلِهِ وَهَكَذَا يَتَّضِحُ أَنَّ الْأَبْيَاتَ وَاضِحَةٌ ، لَكِنِ الَّذِي أَوَدُّ أَنْ أُشِيرَ إِلَيْهِ هُوَ أَنَّ الشَّيْخَ ـ رَحِمَهُ اللهُ ـ لَمْ يُبَيِّنْ لَنَا الشَّرْطَ الْوَاجِبَ أَنْ يَتَوَفَّرَ فِي الْهَاءِ حَتَّى تَكُونَ وَصْلًا ، وَقَدْ تَكَفَّلْتُ بِبَيَانِ ذَلِكَ ، فَمَا ذَلِكَ الشَّرْطُ ؟ أَقُولُ : يَجِبُ أَنْ تَكُونَ هَاءُ الْوَصْلِ تَالِيَةً لِحَرْفٍ مُتَحَرِّكٍ ؛ حَتَّى تَكُونَ وَصْلًا ؛ وَلِهَذَا قُلْتُ : وَشَرْطُ هَاءٍ أَنْ تَكُونَ تَابِعَهْ *** مُحَرَّكًا كَكَارِهٍ وَسَابِعَهْ هَذَا هُوَ الشَّرْطُ سَوَاءٌ أَكَانَتْ أَصْلِيَّةً كَهَاءِ كَارِهٍ أَمْ غَيْرَ ذَلِكَ كَالضَّمِيرِ أَوْ هَاءِ السَّكْتِ أَوِ الْمُنْقَلِبَةِ عَنْ تَاءِ التَّأْنِيثِ كَمَا مَضَى فِي الْحُرُوفِ الَّتِي لَا تَصْلُحُ أَنْ تَكُونَ رَوِيًّا ، الْمُهِمُّ أَنْ تَكُونَ الْهَاءُ تَالِيَةً لِمُتَحَرِّكٍ ، وَلَكِنْ لِمَاذَا ؟ السَّبَبُ فِي ذَلِكَ أَنَّ الْوَصْلَ لَا يَقَعُ بَعْدَ الرَّوِيِّ الْمُقَيَّدِ ؛ وَلِهَذَا قُلْتُ مُعَلِّلًا : إِذْ لَا يَجُوزُ الْوَصْلُ عِنْدِي أَبَدَا *** بَعْدَ رَوِيٍّ قَدْ أَتَى مُقَيَّدَا وَالسُّؤَالُ الْآنَ : مَاذَا لَوْ تَلَتْ حَرْفًا سَاكِنًا ؟ أَقُولُ : إِذَا حَدَثَ ذَلِكَ تَعَيَّنَ أَنْ تَكُونَ الْهَاءُ رَوِيًّا ؛ وَلِهَذَا قُلْتُ : وَوَاجِبٌ فِي الْهَاءِ أَنْ تَكُونَا *** حَرْفَ رَوِيٍّ إِنْ تَلَتْ سُكُونَا فَالْهَاءُ فِي : ( فِيهِ ) إِذَنْ هِيَ الرَّوِي *** وَالْيَاءُ فِيهَا الرِّدْفُ هَذَا مَا رُوِي بَقِيَ أَمْرٌ مُهِمٌّ : وَهُوَ أَنَّ الشَّيْخَ ـ رَحِمَهُ اللهُ ـ كَأَصْلِهِ بَيَّنَ أَنَّ الْوَصْلَ إِنَّمَا يَكُونُ بِحَرْفِ الْمَدِّ أَوِ الْهَاءِ مُقْتَصِرًا عَلَى ذَلِكَ ، وَأَوَدُّ أَنْ أُضِيفَ هُنَا أَنَّ الْوَصْلَ قَدْ يَقَعُ بِغَيْرِ الْمَدِّ وَالْهَاءِ ، وَسَوْفَ أَذْكُرُ هَذِهِ الْحُرُوفَ ؛ لِتُضَافَ إِلَى مَا سَبَقَ بَيَانُهُ : وَأَوَّلُ هَذِهِ الْحُرُوفِ : حُرُوفُ الْمَدِّ الثَّلَاثَةُ بِشَرْطِ أَنْ تَكُونَ أَصْلِيَّةً : فَالْأَلِفُ فِي مَتَى وَالْعَصَا وَالْقَنَا وَرَمَى وَغَزَا وَالْيَاءُ الْأَصْلِيَّةُ السَّاكِنَةُ الْمَكْسُورُ مَا قَبْلَهَا كَمَا فِي يَرْمِي وَالْقَاضِي ، وَالْوَاوُ الْأَصْلِيَّةُ السَّاكِنَةُ الْمَضْمُومُ مَا قَبْلَهَا كَمَا فِي يَدْعُو وَيَغْزُو ، كُلُّ هَذِهِ الْحُرُوفِ تَصْلُحُ أَنْ تَكُونَ وَصْلًا . وَالثَّانِي: مِيمُ الْجَمْعِ أَوِ الْمُثَنَّى إِذَا وَقَعَ قَبْلَهُمَا الْهَاءُ أَوِ الْكَافُ كَمَا فِي قَوْلِهِ : زُرْ وَالِدَيْكَ وَقِفْ عَلَى قَبْرَيْهِمَا *** فَكَأَنَّنِي بِكَ قَدْ نُقِلْتَ إِلَيْهِمَا . وَالثَّالِثُ : يَاءُ النِّسْبَةِ الْمُخَفَّفَةُ لَا الْمُشَدَّدَةُ ؛ فَإِنَّ هَذِهِ ـ أَيِ الْمُشَدَّدَةَ ـ لَا تَكُونُ إِلَّا رَوِيًّا وَالرَّابِعُ : الْكَافُ الَّتِي هِيَ ضَمِيرٌ لِلْمُخَاطَبِ كَمَا فِي قَوْلِهِ : إِنَّ أَخَاكَ الْحَقَّ مَنْ كَانَ مَعَكْ *** وَمَنْ يَضُرُّ نَفْسَهُ لِيَنْفَعَكْ وَالْخَامِسُ : الْهَاءُ الْأَصْلِيَّةُ الْمَسْبُوقَةُ بَحَرَكَةٍ مِثْلُ قول الراجز : أَعْطَيْتُ فِيهَا طَائِعًا أَوْ كَارِهَا وَقَوْلِهِ بَعْدَ ذَلِكَ : وَفَرَسًا أُنْثَى وَعَبْدًا فَارِهَا وَالسَّادِسُ : أَلِفُ التَّأْنِيثُ كَمَا فِي حُبْلَى ، وَأَلِفُ الْإِلْحَاقِ كَمَا فِي أَرْطَى عَلَمًا لِشَجَرٍ ، وَعَلْقَى عَلَمًا لِنَبْتٍ . مُلَاحَظَةٌ : أَلِفُ الْإِلْحَاقِ تَمْنَعُ الِاسْمَ مِنَ الصَّرْفِ إِذَا صَارَ عَلَمًا ، فَإِنْ فَقَدَ الْعَلَمِيَّةَ لَا يُمْنَعُ مِنَ الصَّرْفِ كَمَا نَقَولُ : رَأَيْتُ أَرْطًى كَثِيرًا ثَمَرُهُ كَالْعُنَّابِ يُغَذِّي الْإِبِلَ أيْ شجرًا كثيرًا يقول ابن مالك : وَمَا يَصِيرُ عَلَمًا مِنْ ذِي أَلِفْ *** زِيدَتْ لِإِلْحَاقٍ فَلَيْسَ يَنْصَرِفْ وَالسَّابِعُ : تَاءُ التَّأْنِيثِ السَّاكِنَةُ أَوِ الْمُتَحَرِّكَةُ مِثْلُ : شُلَّتِ ، حِيلَتِي ، تَلَتْ .... الخ فَكُلُّ هَذِهِ الْحُرُوفِ الْمَذْكُورَةِ تَصْلُحُ أَنْ تَكُونَ وَصْلًا ، وَلَكِنْ بِشَرْطِ أَنْ يَقَعَ رَوِيٌّ قَبْلَهَا ، أَمَّا إِذَا خَلَا الشِّعْرُ مِنَ الرَّوِيِّ فَيَتَعَيَّنُ أَنْ تَكُونَ رَوِيًّا لَا وَصْلًا ، فَهِيَ إِذَنْ تَصْلُحُ لِلْوَصْلِ ، وَلَا تَمْتَنِعُ فِي الرَّوِيِّ كَمَا قُلْتُ : وَالْوَصْلُ جَائِزٌ بِمَدٍّ أُصِّلَا *** وَمِيمِ جَمْعٍ وَالْمُثَنَّى فَاعْقِلَا وَيَاءِ نِسْبَةٍ خَفِيفَةٍ كَمَا *** جَازَ بِكَافٍ لِلْخِطَابِ فَاحْكُمَا وَجَازَ بِالْهَاءِ هِيَ الْأَصْلِيَّةُ *** لَوْ قَبْلَهَا حَرَكَةٌ جَلِيَّةُ وَأَلِفِ التَّأْنِيثِ وَالْإِلْحَاقِ *** وَتَاءِ تَأْنِيثٍ عَلَى الْإِطْلَاقِ وَالشَّرْطُ فِيهَا أَنْ نَرَى الرَّوِيَّا *** قَدْ جَاءَنَا مِنْ قَبْلِهَا مَرْوِيَّا أَمَّا إِذَا الرَّوِيُّ مَا تَجَلَّى *** فَإِنَّهَا الرَّوِيُّ لَيْسَ إِلَّا يُتْبَعُ ـ إِنْ شَاءَ اللهُ ـ |
#53
|
|||
|
|||
![]()
وَاللَّيْنُ مِنْ هَاءٍ هُوَ الْخُرُوجُ *** لِأَنَّهُ عَنْ وَصْلِهِمْ خُرُوجُ 1
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 1 ـ ذَكَرَ الشَّيْخُ ـ رَحِمَهُ اللهُ ـ فِي هَذَا الْبَيْتِ تَعْرِيفَ الْخُرُوجِ ، فَقَالَ : إِنَّهُ حَرْفُ اللِّينِ النَّاشِئُ عَنْ حَرَكَةِ هَاءِ الْوَصْلِ كَالْأَلِفِ فِي : يُوَافِقُهَا ، وَالْوَاوِ فِي : يُحْسِنُونَهُ ، وَالْيَاءِ فِي : نَعْلِهِ . ثُمَّ ذَكَرَ الشَّيْخُ عِلَّةَ تَسْمِيَتِهِ بِالْخُرُوجِ فَقَالَ : سُمِّيَ بِذَلِكَ ؛ لِأَنَّهُ خُرُوجٌ عَنِ الْوَصْلِ . وَهَذَا التَّعْرِيفُ الَّذِي ذَكَرَهُ الشَّيْخُ لَا غُبَارَ عَلَيْهِ إِلَّا مَا كَانَ مِنْهُ مِنِ اسْتِعْمِالٍ لِلْجِنْسِ الْبَعِيدِ ، فَلَوْ قَالَ : الْمَدُّ بَدَلًا مِنَ اللَّيْنِ لَكَانَ أَفْضَلَ ، ثُمَّ إِنَّ قَوْلَهُ : وَالْخُرُوجُ هُوَ اللَّيْنُ مِنْ هَاءِ الْوَصْلِ أَفْضَلُ مِنْ قَوْلِ بَعْضِهِمْ : مِنْ حَرْفِ الْوَصْلِ ؛ لِأَنَّ مِنَ الْوَصْلِ حُرُوفَ الْمَدِّ ، وَهَذِهِ لَا يَتَأَتَّى الْخُرُوجُ مِنْهَا ؛ إِذْ لَا يُمْكِنُ مَدُّ الْمَدِّ ، وَلِهَذَا قُلْتُ قَدَيمًا : خُرُوجُهُمْ فِي الِاصْطِلَاحِ قَدْ وَرَدْ *** مَدًّا لِهَاءِ الْوَصْلِ إِنْ أَمْكَنَ مَدّْ وَقَوْلِي : إِنْ أَمْكَنَ مَدٌّ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّ الْوَزْنَ أَحْيَانًا يَضْطَرُّ الشَّاعِرَ إِلَى تَسْكِينِ هَاءِ الْوَصْلِ فَلَا يُمْكِنُ الْمَدُّ ؛ وَبِالتَّالِي فَلَا خُرُوجَ ، وَاللهُ أَعْلَمُ يُتْبَعُ ـ إِنْ شَاءَ اللهُ ـ |
#54
|
|||
|
|||
![]()
وَالرِّدْفُ مَدٌّ يَسْبِقُ الرَّوِيَّا *** وُجُوبَهُ قَدْ قَرَّرُوا مَرْوِيَّا 1
بِأَلِفٍ أَوْ يَاءٍ اوْ بِوَاوِ *** بِذَلِكَ التَّفْصِيلِ قَالَ الرَّاوِي فَأَلِفٌ قَدْ جَاءِ بِالْمِثَالِ *** مِنْ ( عِمْ صَبَاحًا أَيُّهَذَا الْبَالِي ) وَالْيَاءُ فِيمَا أَنْشَدَ الْغَرِيبُ *** ( بَعْدَ الشَّبَابِ عَصْرَ جَا مَشِيبُ ) وَالْوَاوُ فِيمَا أَنْشَدَ الْمَكْرُوبُ *** مِنْ قَوْلِهِ ( مَعْرُوقَةٌ سُرْحُوبُ ) ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 1 ـ بَيَّنَ الشَّيْخُ ـ رَحِمَهُ اللهُ ـ فِي هَذَا الْبَيْتِ الرِّدْفَ ، فَقَالَ : إِنَّهُ حَرْفُ مَدٍّ يَسْبِقُ الرَّوِيَّ أَيْ : يَقَعُ قَبْلَهُ ، ثُمَّ قَالَ : إِنَّهُ يَقَعُ بِالْأَلِفِ وَبِالْوَاوِ وَبِالْيَاءِ ، وَقَدْ أَشَارَ إِلَى شَوَاهِدِ ذَلِكَ ، وَكُلُّهَا وَاضِحَةٌ ـ وَللهِ الْحَمْدُ ـ فقوله : مِنْ ( عِمْ صَبَاحًا أَيُّهَذَا الْبَالِي ) إِشَارَةٌ إِلَى قَوْلِهِ : أَلَا عِمْ صَبَاحًا أَيُّهَا الطَّلَلُ الْبَالِي وقوله : ( بَعْدَ الشَّبَابِ عَصْرَ جَا مَشِيبُ ) إِشَارَةٌ إِلَى قَوْلِهِ : طَحَا بِكَ قَلْبٌ فِي الْحِسَانِ طَرُوبُ *** بُعَيْدَ الشَّبَابِ عَصْرَ حَانَ مَشِيبُ وقوله : ( مَعْرُوقَةٌ سُرْحُوبُ ) إِشَارَةٌ إِلَى قَوْلِهِ : قَدْ أَشْهَدُ الْغَارَةَ الشَّعْوَاءَ تَحْمِلُنِي *** جَرْدَاءُ مَعْرُوقَةُ اللَّحْيَيْنِ سُرْحُوبُ هَذَا هُوَ تَعْرِيفُ الشَّيْخِ تَبَعًا لِأَصْلِهِ ، وَالَّذِي يُؤْخَذُ عَلَيْهِ هُوَ أَنَّ الرِّدْفَ لَا يَقَعُ بِالْمَدِّ فَقَطْ ـ وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ هُوَ الْغَالِبُ ـ ، وَإِنَّمَا يَقَعَ أَيْضًا بِالْيَاءِ وَالْوَاوِ إِذَا سَكَنَتَا ، وَانْفَتَحَ مَا قَبْلَهُمَا أَيْ : إِذَا كَانَا حَرْفَيْ لِينٍ ، فإذا أُضِيفَ إِلَى ذَلِكَ أَنَّ الْأَلِفَ لَا تَنْفَكُّ عَنْ كَوْنِهَا حَرْفَ لِينٍ وَمَدٍّ كَانَ الْأَفْضَلُ وَالْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ : وَالرِّدْفُ لَيْنٌ يَسْبِقُ الرَّوِيَّا وَقَدْ تَخَلَّصْتُ أَنَا مِنْ ذَلِكَ فَقُلْتُ : وَإِنْ أَتَى قَبْلَ الرَّوِيِّ حَرْفُ *** مِنْ أَحْرُفِ اللِّينِ فَذَاكَ الرِّدْفُ وَاللَّيْنُ كَمَا نَعْلَمُ أَعَمُّ مِنَ الْمَدِّ . وَهُنَا سُؤَالَانِ : فَأَمَّا الْأَوَّلُ فَهُوَ هَلْ يُمْكِنُ أَنْ يَقَعَ الرِّدْفُ فِي غَيْرِ كَلِمَةِ الرَّوِيِّ ؟ وَالْجَوَابُ : أَنَّ الرِّدْفَ قَدْ يَقَعُ فِي كَلِمَةِ الرَّوِيِّ ، وَقَدْ يَقَعُ فِي الْكَلِمَةِ الَّتِي قَبْلَهَا ، وَقَدِ اجْتَمَعَا فِي قَوْلِ الشَّاعِرِ : أَتَتْهُ الْخِلَافَةُ مُنْقَادَةً *** إِلَيْهِ تُجَرِّرُ أَذْيَالَهَا فَلَمْ تَكُ تَصْلُحُ إِلَّا لَهُ *** وَلَمْ يَكُ يَصْلُحُ إِلَّا لَهَا وَأَمَّا السُّؤَالُ الثَّانِي فَهُوَ : هَلْ يَجُوزُ أَنْ يَعْتَقِبَ حَرْفَانِ مِنْ حُرُوفِ اللِّينِ رِدْفًا فِي قَصِيدَةٍ وَاحِدَةٍ ؟ وَالْجَوَابُ : أَنَّهُ يَجُوزُ جَمْعُ مَا كَانَ غَيْرَ الْأَلِفِ ، بِمَعْنَى أَنَّهُ يَجُوزُ لِلشَّاعِرِ أَنْ يَأْتِيَ بِالْوَاوِ رِدْفًا فِي بَعْضِ أَبْيَاتِ الْقَصِيدَةِ وَبِالْيَاءِ فِي بَعْضِهَا الْآخَرِ كَقَوْلِهِ فِي بَعْضِ الْقَوَافِي : طَرُوبُ ، مَشِيبُ ، خُطُوبُ ، قَرِيبُ ، لَكِنْ هَلْ يُعَدُّ ذَلِكَ الْجَمْعُ قَبِيحًا ؟ أَقُولُ : لَا ؛ فَالْجَمْعُ غَيْرُ قَبِيحٍ ـ وَإِنْ كَانَ الِاتِّفَاقُ أَحْسَنَ ـ ، لَكِنْ عَدَمُ تَقْبِيحِ الْجَمْعِ مَشْرُوطٌ بِأَنْ يَسْتَوِيَ الْحَرْفَانِ مَدًّا وَلَيْنًا ، بَيْدَ أَنَّ الَّذِي يَنْبَغِي الْإِشَارَةُ إِلَيْهِ هُوَ أَنَّ الْمَعَرِّيَ قَبَّحَ هَذَا الْجَمْعَ إِذَا كَانَ الرَّوِيُّ مُقَيَّدًا أَيْ : غَيْرَ مُطْلَقٍ وَإِلَى الْإِجَابَةِ عَنْ هَذَيْنِ السُّؤَالَيْنِ أَشَرْتُ بِقَوْلِي : وَالرِّدْفُ قَدْ يَأْتِي مَعَ الرَّوِيِّ فِي *** كَلِمَةٍ أَوْ فِي الَّتِي قَبْلُ يَفِي وَاعْلَمْ بِأَنَّ جَمْعَهُمْ وَاوًا وَيَا *** فِي الرِّدْفِ دُونَ أَلِفٍ قَدْ رُوِيَا وَقَدْ رَأَى تَقْبِيحَهُ الْمَعَرِّي *** إِذَا الْقَوَافِي قُيِّدَتْ فِي الشِّعْرِ وَاعْلَمْ أَنَّ قَوْلَهُ ـ رَحِمَهُ اللهُ ـ : وُجُوبَهُ قَدْ قَرَّرُوا مَرْوِيَّا مُرْتَبِطٌ بِمَا يَلِيهِ ، فَهُوَ يَعْنِي أَنَّ الرِّدْفَ يَجِبُ وُقُوعُهُ بِالْأَلِفِ أَوْ بِالْوَاوِ أَوْ بِالْيَاءِ ، وَلَيْسَ مَعْنَاهُ أَنَّ الرِّدْفَ وَاجِبٌ ؛ ذَلِكَ لِأَنَّ الْقَافِيَةَ قَدْ تَرِدُ بِغَيْرِ رِدْفٍ ، وَقَدْ يَجِبُ فِيهَا الرِّدْفُ ، لَكِنْ مَتَى يَجِبُ ؟ أَقُولُ : اتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ عَلَى وُجُوبِ الرِّدْفِ حَيْثُ يَلْتَقِي سَاكِنَانِ آخِرَ الْبَيْتِ كَقَوْلِهِ : أَبْلِغِ النُّعْمَانَ عَنِّي مَأْلُكًا *** أَنَّهُ قَدْ طَالَ حَبْسِي وَانْتِظَارْ وَذَلِكَ لِيَسْهُلَ الِانْتِقَالُ مِنْ أَحَدِ السَّاكِنَيْنِ إِلَى الآخَرِ بِالْمَدِّ ، ثُمَّ إِنَّهُ عَلَى قَوْلِ الْأَكْثَرِ يَجِبُ الرِّدْفُ إِذَا اسْتَكْمَلَ الْبَيْتُ أَجْزَاءَهُ ، وَحُذِفَ : أ ـ حَرْفٌ مُتَحَرِّكٌ مِنْ ضَرْبِهِ ، ب ـ أو زِنَتُهُ : بِأَنْ يُحْذَفَ حَرْفٌ سَاكِنٌ مَعَ حَذْفِ حَرَكَةِ مَا قَبْلَهُ كَمَا فِي الْقَطْعِ ؛ لِيَقُومَ الْمَدُّ مَقَامَ الْمَحْذُوفِ ، فَيَقَعَ التَّعَادُلُ بَيْنَ الْعَرُوضِ وَالضَّرْبِ كما في قوله : وَإِذَا دَعَوْنَكَ عَمَّهُنَّ فَإِنَّهُ *** نَسَبٌ يَزِيدُكَ عِنْدَهُنَّ خَبَالَا وَاعْلَمْ أَنَّنَا قُلْنَا عَلَى قَوْلِ الْأَكْثَرِ ؛ لِأَنَّ بَعْضَهُمْ ، وَمِنْهُمْ سِيبَوَيْهِ ـ نَازَعَ فِي ذَلِكَ ، وَأَجَازَ اسْتِعْمَالَ ذَلِكَ بِغَيْرِ رِدْفٍ وَإِلَى هَذَا أَشَرْتُ بِقَوْلِي : وَاتَّفَقُوا عَلَى وُجُوبِ الرِّدْفِ فِي *** حَالِ الْتِقَاءِ السَّاكِنَيْنِ فَاعْرِفِ وَحَيْثُمَا حَذْفٌ بِضَرْبِ الْوَافِي *** لِمُتَحَرِّكٍ فَرِدْفٌ وَافِ وَإِنْ حَذَفْتَ سَاكِنًا مُسَكِّنَا *** مَا قَبْلَهُ فَرِدْفُهُ تَعَيَّنَا وَقَوْلِي فِي الْبَيْتِ الْأَخِيرِ يَدْخُلُ فِيهِ الْمَقْطُوعُ وَالْمَقْصُورُ ـ كَمَا هُوَ مَعْلُومٌ ـ ؛ إِذْ إِنَّ كُلًّا مِنْهُمَا عِبَارَةٌ عَنْ حَذْفِ حَرْفٍ سَاكِنٍ مَعَ حَذْفِ حَرَكَةِ مَا قَبْلَهُ بِالتَّسْكِينِ ، وَهَذَا يُعَادِلُ كَمَا قُلْتُ حَذْفَ الْحَرْفِ الْمُتَحَرِّكِ ، لَكِنْ فِي الضَّرْبِ الْمَقْصُورِ يَكُونُ لِلرِّدْفِ مُقْتَضَيَانِ : مَا سَبَقَ ، وَيُضَاُف إِلَيْهِ اجْتِمَاعُ السَّاكِنَيْنِ . وَقَوْلِي فِي الْبَيْتِ الَّذِي قَبْلَهُ : ( بِضَرْبِ الْوَافِي ) أَعْنِي بِهِ كَمَا تَقَدَّمَ مَا اسْتَكْمَلَ أَجْزَاءَهُ لَكِنْ بِنَقْصٍ لَازِمٍ فِي الضَّرْبِ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ النَّقِصُ حَرْفًا مُتُحُرِّكًا أَوْ زِنَتَهُ هُنَا ، وَلَكِنْ مَاذَا لَوْ كَانَ النَّقْصُ بِضَرْبِ الْبَيْتِ الْمَجْزُوءِ ؟ أَقُولُ : هُنَا لَا يَلْزَمُ الرِّدْفُ ؛ لِبِنَاءِ الْبَيْتِ عَلَى النَّقْصِ ، فَلَمْ يَلْزَمِ التَّعْوِيضُ عَنِ الْمَحْذُوفِ بِالْمَدِّ رِدْفًا ، وَلَكِنْ إِنْ رُدِفَ فَحَسَنٌ . تِلْكَ هِيَ أَهَمُّ الضَّوَابِطِ الَّتِي يَلْزَمُ بِهَا وُجُودُ الرِّدْفِ فِي الْقَافِيَةِ ، لَكِنَّهَا ـ كَمَا يَقَولُونَ ـ لَيْسَتْ جَامِعَةً مَانِعَةً ؛ فَقَدِ سَبَقَ بَيَانُ أَنَّ سِيبَوَيْهِ نَازَعَ فِي إِيجَابِهِ فِي مَوْضِعٍ يَنْدَرِجُ تَحْتَ ضَوَابِطِ اللُّزُومِ ، ثُمَّ إِنَّهُ قَدِ اتَّفَقَ الْجُمْهُورَ عَلَى وُجُوبِ الرِّدْفِ فِي الضَّرْبِ الْمَحْذُوفِ لِبَحْرِ الطَّوِيلِ مَعَ أَنَّهُ لَمْ يَدْخُلْ تَحْتَ ضَوَابِطِ اللُّزُومِ اتِّفَاقًا ؛ إِذْ لَمْ يَلْتَقِ فِيهِ سَاكِنَانِ ، وَلَمْ يُحْذَفْ مِنْهُ حَرْفٌ مُتُحُرِّكٌ أَوْ زِنَتُهُ ، بَلْ حُذِفَ مِنْهُ سَبَبٌ خَفِيفٌ بِأَكْمَلِهِ فَلِمَاذَا رُدِفَ وُجُوبًا ؟ وَأَقُولُ : قَدِ اخْتَلَفُوا فِي وَجْهِ إِيجَابِ الرِّدْفِ فِيهِ ، فَقِيلَ : إِنَّهُ قُبِضَ أَوَّلًا ، ثُمَّ حُذِفَتْ نُونُهُ وَحَرَكَةُ لَامِهِ ، فَعُوِّضَ الرِّدْفَ ؛ لِأَنَّهُمَا زِنَةُ مُتَحَرِّكٍ ، وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ ، وَالْأَفْضَلُ الْقَوْلُ أَنَّ رِدْفَهُ كَانَ اتِّبَاعًا لِمَا جَاءَ عَنِ الْعَرَبِ ، وَإِلَى هَذَا أَشَرْتُ بِقَوْلِي : وَأَوْجَبُوا رِدْفَ الطَّوِيلِ إِنْ حُذِفْ *** ضَرْبٌ وَفِي تَوْجِيهِهِ قَدِ اخْتُلِفْ وَأَخِيرًا أَقُولُ : إِنَّ الرِّدْفَ فِي غَيْرِ مَا يَجِبُ مُسْتَحْسَنٌ اتِّفَاقًا ، وَلَكِنْ لِمَاذَا ؟ اسْتِكْثَارًا مِنَ الْمَدِّ فِي الْأَوَاخِرِ ؛ لِأَنَّهَا مَحَلُّ مَدٍّ وَتَرَنُّمٍ ، وَلِهَذَا قُلْتُ : وَاسْتَحْسَنُوا الرِّدْفَ إِذَا لَمْ يَلْزَمِ *** لِأَنَّهُ يُفْضِي إِلَى التَّرَنُّمِِ يُتْبَعُ ـ إِنْ شَاءَ اللهُ ـ |
#55
|
|||
|
|||
![]()
وَأَلِفُ التَّأْسِيسِ جَا مَرْوِيَّا *** مِنْ قَبْلِ حَرْفٍ يَسْبِقُ الرَّوِيَّا 1
مِنْ كِلْمَةِ الرَّوِيِّ هَذَا الْقَادِمُ *** كَقَوْلِهِ ( لَيْسَ عَلَيْهَا سَالِمُ ) 2 أَوْ غَيْرِ إِنْ كَانَ الرَّوِيُّ آتِيَا *** ضَمِيرًا اقْرَأْ قَوْلَهُ ( وَلَا لِيَا ) 3 أَوْ بَعْضَهُ كَذََاكَ قَالَ الْعُلَمَا *** كَقَوْلِ مَنْ يَرْعَى الْحْمَى ( كَمَا هُمَا ) 4 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 1 ـ عَرَّفَ الشَّيْخُ ـ رَحِمَهُ اللهُ ـ التَّأْسِيسَ بِأَنَّهُ أَلِفٌ يَسْبِقُ الرَّوِيَّ بِحَرْفٍ ، أَوْ قُلْ كَمَا قَالَ أَصْلُهُ : هُوَ أَلِفٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الرَّوِيِّ حَرْفٌ ، 2 ـ ذَكَرَ الشَّيْخُ فِي هَذَا الْبَيْتِ الشَّرْطَ الْوَاجِبَ تَوَافُرُهُ فِي أَلِفِ التَّأْسِيسِ ؟ فَقَالَ : يَجِبُ أَنْ تَكُونَ الْأَلِفُ هَذِهِ مِنْ كَلِمَةِ الرَّوِيِّ كَمَا فِي قَوْلِهِ : وَلَيْسَ عَلَى الْأَيَّامِ وَالدَّهْرِ سَالِمُ 3 ، 4 ـ وَلَكِنْ هَلْ يَجُوزُ أَنْ تَقَعَ أَلِفُ التَّأْسِيسِ فِي آخِرِ الْكَلِمَةِ الَّتِي تَسْبِقُ الرَّوِيَّ ؟ يَجُوزُ ذَلِكَ فِي حَالَتَيْنِ : الْأُولَى : أَنْ يَكُونَ الرَّوِيُّ ضَمِيرًا كَمَا فِي قَوْلِهِ : أَلَا لَا تَلُومَانِي كَفَى اللَّوْمَ مَا بِيَا *** فَمَا لَكُمَا فِي اللَّوْمِ خَيْرٌ وَلَا لِيَا وَالْأُخْرَى : أَنْ يَكُونَ الرَّوِيُّ بَعْضًا مِنَ الضَّمِيرِ كَمَا فِي قَوْلِهِ : وَإِنْ شِئْتُمَا مِثْلًا بِمِثْلٍ كَمَا هُمَا وَهَذَا مَا أَشَارَ إِلَيْهِ الشَّيْخُ ـ رَحِمَهُ اللهُ ـ فِي الْبَيْتَيْنِ : الثَّالِثِ وَالرَّابِعِ ، وَإِلَيْهِ أَشَرْتُ بِقَوْلِي : وَأَلِفُ التَّأْسِيسِ لَيْسَ يُشْتَرَطْ *** وُقُوعُهَا فِي كِلْمَةِ الرَّوِي فَقَطْ بَلْ جَازَ فِيمَا قَبْلَهَا إِنْ يُضْمَرِ *** رَوِيُّهَا أَوْ كَانَ جُزْءَ مُضْمَرِ مُلَاحَظَاتٌ : أ ـ قَوْلُهُ : ( أَوْ غَيْرِ ) بِعَطْفِ كَلِمَةِ : ( غَيْرِ ) عَلَى : ( كِلْمَةِ الرَّوِيِّ ) ، وَالْأَصْلُ : مِنْ كِلْمَةِ الرَّوِيِّ أَوْ غَيْرِهَا ، وَكَلِمَةُ : ( غَيْرٍ ) مِنَ الْكَلِمَاتِ الَّتِي تُلَازِمُ الْإِضَافَةَ ، لَكِنِ النَّاظِمُ ـ رَحِمَهُ اللهُ ـ اضْطُرَّ إِلَى حَذْفِ الْمُضَافِ إِلَيْهِ لَفْظًا ؛ لِلْعِلْمِ بِمَعْنَاهُ ، بَيْدَ أَنَّ هَذَا الْحَذْفَ لَا يَجُوزُ إِلَّا بَعْدَ : ( لَيْسَ ) اتِّفَاقًا أَوْ : ( لَا ) عَلَى خِلَافٍ ، لَكِنْ أَمَا وَقَدْ وَقَعَ الْحَذْفُ ضَرُورَةً فَإِنِّي أَرَى أَنْ تَظَلَّ الْكَلِمَةُ مَجْرُورَةً بِالْكَسْرَةِ بِلَا تَنْوِينٍ عَلَى نِيَّةِ ثُبُوتِ لَفْظِ الْمُضَافِ إِلَيْهِ ـ كَمَا قَالَ بَعْضُهُمْ ـ ، وَلِأَنَّ التَّنْوِينَ يُفْسِدُ الْوَزْنَ ، وَلَوْ أَنَّهُ ـ رَحِمَهُ اللهُ ـ قَالَ : أَوْ غَيْرِها انْ كَانَ الرَّوِيُّ آتِيَا *** ضَمِيرًا اقْرَأْ قَوْلَهُ ( وَلَا لِيَا ) ـ أَيْ بِثُبُوتِ الْمُضَافِ إِلَيْهِ ، مَعَ جَعْلِ هَمْزَةِ : إِنْ وَصْلًا لِلضَّرُورَةِ ـ لَكَانَ أَهْوَنَ ب ـ نَصَبْتُ كَلِمَةَ : ( بَعْضَهُ ) فِي قَوْلِهِ : ( أَوْ بَعْضَهُ كَذََاكَ قَالَ الْعُلَمَا ) عَطْفًا عَلَى كَلِمَةِ : ( ضَمِيرًا ) فِي قَوْلِهِ : أَوْ غَيْرِ إِنْ كَانَ الرَّوِيُّ آتِيَا *** ضَمِيرًا اقْرَأْ قَوْلَهُ ( وَلَا لِيَا ) إِذِ الْمَعْنَى : أَوْ مِنْ غَيْرِ كَلِمَةِ الرَّوِيِّ إْذَا جَاءَ الرَّوِيُّ ضَمِيرًا أَوْ بَعْضَ ضَمِيرٍ ، وَاللهُ أَعْلَمُ بَقِيَ أَنْ أَشِيرَ إِلَى شَرْطٍ آخَرَ فِي أَلِفِ التَّأْسِيسِ ، وَهُوَ أَنَّ هَذِهِ الْأَلِفَ يَجِبُ أَنْ تَكُونَ أَصْلِيَّةً غَيْرَ مُنْقَلِبَةٍ عَنْ هَمْزَةٍ ، وَقَالَ قَوْمٌ بَلْ لَا يُشْتَرَطُ ذَلِكَ ، فَيَجُوزُ أَنْ يَقَعَ التَّأْسِيسُ بِالْأَلِفِ الْمُنْقَلِبَةِ عَنِ الْهَمْزَةِ كَمَا فِي آدَمَ وَآخَرَ ، كَمَا يَجُوز الْجَمْعُ بَيْنَ الْأَلِفَيْنِ ، وَإِلَى هَذَا أَشَرْتُ بِقَوْلِي : وَكَوْنُهَا أَصْلِيَّةً لَمْ تَنْقَلِبْ *** عَنْ هَمْزَةٍ شَرْطٌ وَقِيلَ لَم يَجِبْ وَجَوَّزُوا فِي الْأَلِفَيْنِ الْجَمْعَا *** بَيْنَهُمَا فَلْتَلْزَمَنَّ السَّمْعَا وَالسُّؤَالُ : هَلْ يَجِبُ الْتِزَامُ أَلِفِ التَّأْسِيسِ ؟ وَالْجَوَابُ : أَنَّهُمْ قَدِ اتَّفَقُوا عَلَى وُجُوبِ ذَلِكَ إِذَا كَانَتْ أَصْلِيَّةً ، أَمَّا إِذَا كَانَتْ غَيْرَ أَصْلِيَّةٍ فَفِي وُجُوبِ الْتِزَامِهَا خِلَافٌ ، وَالرَّاجِحُ عِنْدِي وُجُوبُ ذَلِكَ ؛ وَإِلَّا فَمَا الَّذِي جَعَلَهُمْ يَعُدُّونَ مِنْ عُيُوبِ الْقَافِيَةِ سِنَادَ التَّأْسِيسِ ؛ وَلِهَذَا قُلْتُ : وَاعْلَمْ بِأَنَّهُ إِذَا جَاءَ الْتَزَمْ *** بِهِ وُجُوبًا فِي الْقَوَافِي مَنْ نَظَمْ يُتْبَعُ ـ إِنْ شَاء اللهُ ـ |
#56
|
|||
|
|||
![]()
دَخِيلُهُمْ مُحَرَّكٌ وَقَائِمْ *** بُعَيْدَ تَأْسِيسٍ كَلَامِ ( سَالِمْ ) 1
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 1 ـ الدَّخِيلُ ـ كَمَا قَالَ الشَّيْخُ ـ حَرْفٌ مُتَحَرِّكٌ يَقَعُ بَعْدَ التَّأْسِيسِ ، وَهَذَا صَحِيحٌ لَكِنَّهُ قَدْ يَخْفَى عَلَى مَنْ لَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَ التَّأْسِيسِ وَالرِّدْفِ إِذَا وَقَعَ أَلِفًا ؛ وَلِذَا فَالْأَوْلَى أَنْ نَقُولَ : إِنَّهُ حَرْفٌ مُتَحَرِّكٌ يَقَعُ بَيْنَ أَلِفِ التَّأْسِيسِ وَالرَّوِيِّ ، أَوْ يُقَالَ بَعْدَ أَلِفِ التَّأْسِيسِ وَقَبْلَ الرَّوِيِّ ، وَقَدْ قُلْتُ فِي تَعْرِيفِهِ : دَخِيلُهُمْ مُحَرَّكٌ بَيْنَ الرَّوِي *** وَأَلِفِ التَّأْسِيسِ مِثْلَمَا رُوِي أَوْ يُقَالُ : وَمُتَحَرِّكٌ أَتَى قَبْلَ الرَّوِي *** وَبَعْدَ تَأْسِيسٍ دَخِيلٌ قَدْ رُوِي هَذَا وَقَدْ مَثَّلَ الشَّيْخُ ـ رَحِمَهُ اللهُ ـ لِلدَّخِيلِ بِاللَّامِ فِي كَلِمَةِ : ( سَالِمٍ ) فِي قَوْلِ الشَّاعِرِ : وَلَيْسَ عَلَى الْأَيَّامِ وَالدَّهْرِ سَالِمُ وَلْيُعْلَمْ أَنَّ الرَّوِيَّ فِي الشَّاهِدِ مُطْلَقٌ ، وَقَدْ قَيَّدْتُهُ فِي نَظْمِ الشَّيْخِ تَخَلُّصًا مِنَ الْإِقْوَاءِ إِذَا جَرَرْنَا الْكَلِمَةَ بِالْإِضَافَةِ ، أَمَّا إِذَا حَكَيْنَاهَا مَرْفُوعَةً فَلَا إِقْوَاءَ . وَاعْلَمْ أَنَّ الدَّخِيلَ إِذَا أَتَى فِي الْمَطْلَعِ فَالْوَاجِبُ أَنْ يَلْتَزِمَ بِهِ الشَّاعِرُ فِي جَمِيعِ أَبْيَاتِ الْقَصِيدَةِ ، لَكِنْ ذَلِكَ إِنَّمَا يَكُونُ بِمِثْلِهِ لَا بِعَيْنِهِ , بِمَعْنَى أَنَّهُ يَجِبُ عَلَى الشَّاعِرِ أَنْ يَأْتِيَ بِأَيِّ حَرْفٍ مُتَحَرِّكٍ بَيْنَ التَّأْسِيسِ وَالرَّوِيِّ دُونَ أَنْ يَلْتَزِمَ حَرْفًا بِعَيْنِهِ . وَقَدْ أَشَرْتُ إِلَى ذَلِكَ بِقَوْلِي : وَالْوَاجِبُ الْتِزَامُه إِذَا أَتَى *** بِالْمِثْلِ لَا بِالْعَيْنِ فَاعْلَمْ يَا فَتَى يُتْبَعُ ـ إِنْ شَاءَ اللهُ ـ |
#57
|
|||
|
|||
![]()
ثَالِثًا : ( حَرَكَاتُهَا ) 1
وَمِنْ رَوِيٍّ مُطْلَقٍ خُذْ حَرَكَهْ *** وَسَمِّهَا الْمَجْرَى لِمَنْ قَدْ عَرَكَهْ 2 فَالصَّوْتُ يَجْرِي مِنْهُ فِي انْطِلَاقِ *** وَذَاكَ سِرُّ الِاسْمِ بِاتِّفَاقِ وَهَاءَ وَصْلٍ حَرَّكُوا نَفَاذَا *** لِمَخْرَجٍ فَسُمِّيَ النَّفَاذَا 3 وَحَرَّكُوا مَا قَبْلَ رِدْفٍ حَذْوَا *** لِذَا الْقَوَافِي تَبِعَتْهَا حَبْوَا 4 وَحَرَّكُوا الدَّخِيلَ لِلْإِشْبَاعِ *** حِمَايَةً لَهُ مِنَ التَّدَاعِي 5 وَحَرَّكُوا مَا سَبَقَ التَّأْسِيسَا *** فَكَانَ رَسًّا خَافِيًا رَسِيسَا 6 وَحَرَّكُوا قَبْلَ رَوِيٍّ قُيِّدَا *** فَسُمِّيَ التَّوْجِيهَ عِنْدَمَا بَدَا 7 فَذَلِكُمْ قَدْ وَجَّهَ الرَّوِيَّا *** أَيْ صَارَ ذَا وَجْهَيْنِ قَدْ تَزَيَّا مُسَكَّنِ الْوُجُودِ فِي التَّعْبِيرِ *** مُحَرَّكِ الْمَجَازِ فِي التَّقْدِيرِ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 1 ـ الْمَقْصُودُ بِحَرَكَاتِ الْقَافِيَةِ الْحَرَكَاتُ الَّتِي يَجِبُ عَلَى الشَّاعِرِ الِالْتِزَامُ بِهَا إِذَا أَتَى بِهَا فِي مَطْلَعِ الْقَصِيدَةِ ، وَهَذِهِ الْحَرَكَاتُ قَدْ تَكُونُ لِلْحَرْفِ نَفْسِهِ ، وَقَدْ تَكُونُ لِمَا قَبْلَهُ ـ كَمَا سَيَأْتِي ـ ، وَهَذِهِ الِحُرُوفُ سِتَّةٌ أَشَرْتُ إِلَيْهَا بِقَوْلِي : وَحَرَكَاتُهَا لَهَا أَسَامِ *** بِحَسَبِ الْحُرُوفِ وَالْمَقَامِ مَجْرًى نَفَاذٌ ثُمَّ حَذْوٌ انْجَلَى *** رَسٌّ وَإِشْبَاعٌ وَتَوْجِيهٌ تَلَا 2 ـ بَيَّنَ الشَّيْخُ ـ رَحِمَهُ اللهُ ـ فِي هَذَا الْبَيْتِ تَعْرِيفَ الْمَجْرَى ، فَقَالَ : إِنَّهُ حَرَكَةُ الرَّوِيِّ الْمُطْلَقِ مِنْ فَتْحٍ أَوْ ضَمٍّ أَوْ كَسْرٍ ، وَذَكَرَ أَنَّ سِرَّ تَسْمِيَتِهَا بِالْمَجْرَى أَنَّ الصَّوْتَ فِي الرَّوِيِّ الْمُطْلَقِ يَجْرِي مِنْهُ بِانْطِلَاقٍ فَسُمِّيَتْ حَرَكَتُهُ بِالْمَجْرَى ، وَقَدْ أَشَرْتُ إِلَى تَعْرِيفِ الْمَجْرَى بِقَوْلِي : وَسَمِّ بِالْمَجْرَى بِالِاتِّفَاقِ *** حَرَكَةَ الرَّوِيِّ ذِي الْإِطْلَاقِ 3 ـ النَّفَاذُ ـ كَمَا قَالَ الشَّيْخُ ـ حَرَكَةُ هَاءِ الْوَصْلِ ، وَقَدْ سُمِّيَتِ الْحَرَكَةُ بِذَلِكَ ؛ لِأَنَّ الْمُتَكَلِّمَ يَنْفُذُ بِهَا إِلَى الْخُرُوجِ . هَذَا تَعْرِيفُ الشَّيْخِ لَكِنْ يُؤْخَذُ عَلَيْهِ أَنَّ الْوَصْلَ قَدْ يَقَعُ بِغَيْرِ الْهَاءِ كَمِيمِ الْجَمْعِ أَوْ كَافِ الْخِطَابِ ..... الخ ـ وَقَدْ تَقَدَّمَ ذَلِكَ ـ ، فَكَانَ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَقُولَ : إِنَّ النَّفَاذَ هُوَ حَرَكَةُ الْوَصْلِ أَيًّا كَانَ لَوْ أَمْكَنَ تَحْرِيكُهُ ؛ لِأَنَّ الْوَصْلَ بِالْمَدِّ لَا يَتَأَتَّى تَحْرِيكُهُ ، كَمَا أَنَّ الْوَزْنَ قَدْ يَضْطَرُّ الشَّاعِرَ إِلَى تَسْكِينِ الْوَصْلِ فَلَا يَكُونُ ثَمَّةَ نَفَاذٌ ؛ وَلِهَذَا قُلْتُ : وَبِالنَّفَاذِ سَمِّيَنَّ حَرَكَهْ *** لِلْوَصْلِ لَوْ حُرُوفُهُ مُحَرَّكَهْ وَمَنْ عَلَى حَرَكَةِ الْهَاءِ اقْتَصَرْ *** قَصَّرَ فَالْوَصْلُ بِهَاءٍ مَا انْحَصَرْ 4 ـ الْحَذْوُ حَرَكَةُ مَا قَبْلَ الرِّدْفِ ، وَإِنَّمَا سُمِّيَتْ بِذَلِكَ ؛ لِأَنَّ الشَّاعِرَ فِي الْقَوَافِي يَحْذُوهَا أَيْ يَتَّبِعُهَا ، لِتَتَّفِقَ أَرْدَافُهَا ، وَإِلَيْهِ أَشَرْتُ بِقَوْلِي : وَحَذْوُهُمْ حَرَكَةٌ لِحَرْفِ *** قَدْ جَاءَ فِي التَّرْتِيبِ قَبْلَ الرِّدْفِ وَالسُّؤَالُ الْآنَ : هَلْ تَتَّفِقُ هَذِهِ الْحَرَكَةُ فِي جَمِيعِ الْأَبْيَاتِ ؟ وَالْجَوَابُ : إِذَا كَانَ الرِّدْفُ أَلِفًا فَلَا يَكُونُ الْحَذْوُ إِلَّا فَتْحَةً ، أَمَّا إِذَا كَانَ الرِّدْفُ وَاوًا أَوْ يَاءً ، فَحَيْثُمَا جَازَ تَعَاقُبُهُمَا جَازَ اخْتِلَافُ الْحَذْوِ ضَمًّا وَكَسْرًا ، وَلَا يُعَدُّ ذَلِكَ عَيْبًا ؛ فَإِنَّهُمْ يَسْتَقْرِبُونَ الضَّمَّ مِنَ الْكَسْرِ كَمَا يَسْتَقْرِبُونَ الرِّدْفَ مِنْ حَرْفَيْهِمَا . 5 ـ الدَّخِيلُ ـ كَمَا نَعْلَمُ ـ حَرْفٌ يَقَعُ بَيْنَ التَّأْسِيسِ وَالرَّوِيِّ ، وَهُوَ مُحَرَّكٌ وُجُوبًا لِوُقُوعِهِ بَعْدَ سَاكِنٍ ، وَهَذِهِ الْحَرَكَةُ تُسَمَّى إِشْبَاعًا ؛ فَالْإِشْبَاعُ إِذَنْ حَرَكَةُ الدَّخِيلِ ، وَهَذَا الْإِشْبَاعُ كَمَا قَالَ الشَّيْخُ يُقَوِّي الدَّخِيلَ وَيَحْمِيهِ ، وَهَذَا مَا أَشَارَ إِلَيْهِ بِقَوْلِهِ : حِمَايَةً لَهُ مِنَ التَّدَاعِي هَذَا هُوَ التَّعْرِيفُ الَّذِي جَرَى عَلَيْهِ الشَّيْخُ تَبَعًا لِأَصْلِهِ ، غَيْرَ أَنَّ بَعْضَهُمْ جَعَلَ الْإِشْبَاعَ هُوَ حَرَكَةٌ لِمُطْلَقِ مَا قَدْ أَتَى قَبْلَ الرَّوِيِّ الْمُطْلَقِ ؛ فَصَحَّ وُجُودُ الْإِشْبَاعِ ـ وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ تَأْسِيسٌ وَدَخِيلٌ فِي الْبَيْتِ ـ ؛ فَضَمَّةُ التَّاءِ فِي : ( يَكْتُبُ ) عَلَى هَذَا الرَّأْيِ إِشْبَاعٌ ـ إِنْ وَقَعَتِ الْبَاءُ رَوِيًّا ـ ، وَإِلَى هَذَا أَشَرْتُ بِقَوْلِي : إِشْبَاعُهُمْ حَرَكَةُ الدَّخِيلِ *** كَمَا رَوَى الْقَوْمُ عَنِ الْخَلِيلِ وَقِيلَ بَلْ حَرَكَةٌ لِمُطْلَقِ *** مَا قَدْ أَتَى قَبْلَ الرَّوِيِّ الْمُطْلَقِ فَصَحَّ إِشْبَاعٌ إِذَا مَا وُجِدَا *** هَذَا الدَّخِيلُ وَإِذَا مَا فُقِدَا 6 ـ الرَّسُّ حَرَكَةُ الْحَرْفِ الَّذِي يَسْبِقُ التَّأْسِيسَ ، وَالتَّأْسِيسُ ـ كَمَا نَعْلَمُ ـ أَلِفٌ ، وَلَا يَكُونُ مَا قَبْلَ الْأَلِفِ إِلَّا مَفْتُوحًا ، وَعَلَيْهِ يُمْكِنُ الْقَوْلُ أَنَّ الرَّسَّ هُوَ فَتْحَةُ مَا قَبْلَ التَّأْسِيسِ ؛ وَلِهَذَا قُلْتُ : وَالرَّسُّ فَتْحَةٌ لِحَرْفٍ سَابِقِ *** تَأْسِيسَهَا كَفَتْحِ لَامِ لَاحِقِ ثُمَّ لِأَنَّ الْفَتْحَةَ هَذِهِ أَوَّلُ لَوَازِمِ الْقَافِيَةِ ، وَهِيَ جُزْءٌ مِنْ أَلِفٍ خَفِيَّةٍ ؛ لِذَا سُمِّيتْ رَسًّا مِنْ قَوْلِهِمْ : رَسَسْتُ الشَّيْءَ أَيِ : ابْتَدَأْتُهُ فِي خَفَاءٍ ، وَهَذَا مَا أَشَارَ إِلَيْهِ الشَّيْخُ فِي الشَّطْرِ الثَّانِي مِنَ الْبَيْتِ . 7 ـ بَيَّنَ الشَّيْخُ فِي هَذَا الْبَيْتِ وَمَا تَلَاهُ أَنَّ التَّوْجِيهَ هُوَ حَرَكَةُ مَا قَبْلَ الرَّوِيِّ الْمُقَيَّدِ ، وَلَكِنْ لِمَ سُمِّيَ بِذَلِكَ ؟ قَالَ الشَّيْخُ لِأَنَّهُ يُوَجِّهُ الرَّوِيَّ أَيْ يُصَيِّرُهُ ذَا وَجْهَيْنِ : سُكُونٍ وَتَحَرُّكٍ كَالثَّوْبِ الَّذِي لَهُ وَجْهَانِ ، بَيَانُ ذَلِكَ أَنَّهُ قَدْ تَقَرَّرَ فِي هَذَا الْفَنِّ كَمَا قَالَ الدَّمَنْهُورِيُّ أَنَّ الْحَرَكَةَ قَبْلَ السَّاكِنِ كَالْحَرَكَةِ عَلَيْهِ ؛ وَعَلَيْهِ يَصِيرُ هَذَا الرَّوِيُّ الْمُقَيَّدُ بِالتَّوْجِيهِ ذَا وَجْهَيْنِ : أ ـ سَاكِنٍ لِسُكُونِهِ الْحَقِيقِيِّ فِي اللَّفْظِ ب ـ مُتَحَرِّكٍ بِاعْتِبَارِ تَحْرِيكِهِ الْمَجَازِيِّ بِحَرَكَةِ التَّوْجِيهِ لِمَا تَقَرَّر آنِفَا . وَاعْلَمْ : أَنَّ كَلِمَةَ : تَزَيَّا فِي قَوْلِ الشَّيْخِ مِنَ الزِّيِّ وَمَعْنَاهَا تَهَيَّأَ وَتَلَبَّسَ ، ثُمَّ إِنِّي اخْتَرْتُ فِي الضَّبْطِ جَرَّ كَلِمَةِ : ( مُسَكَّنٍ ) عَلَى الْبَدَلِيَّةِ مِنْ كَلِمَةِ : ( وَجْهَيْنِ ) عَلَى حَدِّ قَوْلِ الشَّاِعِر : وَكُنْتُ كَذِي رِجْلَيْنِ رِجْلٍ صَحِيحَةٍ *** وَأُخْرَى رَمَى فَيهَا الزَّمَانُ فَشَلَّتِ وَتَكُونُ كَلِمَةُ : ( مُحَرَّكٍ ) مَعْطُوفَةً بِإِسْقَاطِ الْعَاطِفِ لِلضَّرُورَةِ ، وَيَجُوزُ رَفْعُهُمَا عَلَى اعْتِبَارِهِمَا خَبَرَيْنِ مُتَعَدِّدَيْنِ لِمُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ تَقْدِيرُهُ هُوَ أَيِ : الرَّوِيُّ مُسَكَّنٌ .. مُحَرِّكٌ .. ، يَقُولُ ابْنُ مَالِكٍ : وَأَخْبَرُوا بِاثْنَيْنِ أَوْ بِأَكْثَرَا *** عَنْ وَاحِدٍ كَهُمْ سَرَاةٌ شُعَرَا وَإِلَى التَّوْجِيهِ أَشَرْتُ بِقَوْلِي : تَحْرِيكُ مَا قَبْلَ رَوِيٍّ قُيِّدَا *** يُدْعَى بِتَوْجِيهٍ كَمَا قَدْ وَرَدَا يُتْبَعُ ـ إِنْ شَاءَ اللهُ ـ |
#58
|
|||
|
|||
![]()
رَابِعًا: ( أَنْوَاعُهَا )
مُطْلَقَةٌ قَدْ جُرِّدَتْ مَوْصُولَهْ *** بِاللَّيْنِ فِي النَّصِّ أَتَتْ مَقْبُولَهْ كَقَوْلِهِ فِي شِعْرِهِ ( مِنْ بَعْضِ ) *** وَالنَّصُّ إِنْ تَقْرَأْهُ بَعْدُ يُرْضِي 1 أَوْ وُصِلَتْ بِالْهَاءِ كَالْحَمَاسِي *** إِذْ قَالَ وَهْوَ ظَاهِرُ الْحَمَاسِ 2 ( أَلَا فَتَى لَاقَى الْعُلَا بِهَمِّهْ *** لَيْسَ أَبُوهُ بِابْنِ عَمِّ أُمِّهْ )3 مَرْدُوفَةٌ بِاللَّيْنِ مِثْلُ ( ذَامَا ) *** مِنْ قَوْلَةِ الْأَعْشَى الَّذِي اسْتَهَامَا 4 مَرْدُوفَةٌ مَوْصُولَةٌ بِهَائِهَا *** ( كَعَفَتِ الدِّيَارُ مِنْ بَهَائِهَا ) 5 أَوْ أُسِّسَتْ مَوْصُولَةً باللِّينِ*** مَوْجُودَةً فِي قَوْلِهِ ( كِلِينِي ) 6 أَوْ وُصِلَتْ بِالْهَاءِ إِذْ تَجَلَّى *** فِي قَوْلِهِ ( يَحْكِي عَلَيْنَا إِلَّا ) 7 وَقُيِّدَتْ كَقَوْلِهِ لَمَّا اعْتَزَمْ *** ( اَلْحَبْلُ وَاهٍ بَعْدَهَا وَمُنْجَزِمْ ) 8 وَرُدِفَتْ كَقَائِلٍ فِي الْحَالِ *** ( وَكُلُّ عَيْشٍ صَارَ لِلزَّوَالِ ) 9 وَأُسِّسَتْ كَمَا تَرَى فِي ( تَامِرْ ) *** مِنْ قَوْلَةِ الْحُطَيْئَةِ الْمُغَامِرْ 10 ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ شَرَعَ الشَّيْخُ فِي هَذِهِ الْأَبْيَاتِ يُبَيِّنُ أَقْسَامَ الْقَافِيَةِ ، وَالْوَاقِعُ أَنَّ الْقَافِيَةَ تَنْقَسِمُ أَقْسَامًا عِدَّةً بِاعْتِبَارَاتٍ مُخْتَلِفَةٍ ، وَفِي هَذِهِ الْأَبْيَاتِ قَامَ الشَّيْخُ بِتَقْسِيمِ الْقَافِيَةِ بِاعْتِبَارِ ضَبْطِ الرَّوِيِّ إِلَى قِسْمَيْنِ : قَافِيَةٍ مُطْلَقَةٍ ، وَقَافِيَةٍ مُقَيَّدَةٍ. فَأَمَّا الْمُطْلَقَةُ فَهِيَ : مَا تَحَرَّك فِيهَا الرَّوِيُّ أَوْ مَا كَانَ الرَّوِيُّ فِيهَا مَوْصُولًا ، وَأَمَّا الْمُقَيِّدَةُ فَهِيَ : الَّتِي يَسْكُنُ فِيهَا الرَّوِيُّ أَوْ مَا يَكُونُ فِيهَا الرَّوِيُّ غَيْرَ مَوْصُولٍ كَقَوْلِهِ : لَمْ يَطُلْ لَيْلِي وَلَكِنْ لَمْ أَنَمْ *** وَنَفَى عَنِّي الْكَرَى طَيْفٌ أَلَمّْ ثُمَّ إِنَّ كُلَّ نَوْعٍ مِنْ نَوْعَيِ الْقَافِيَةِ اللَّذَيْنِ أَشَرْتُ إِلَيْهِمَا يَرِدُ مَرْدُوفًا أَوْ مَؤَسَّسًا أَوْ مُجَرَّدًا مِنْهُمَا ، ثُمَّ إِنَّ كُلَّ نَوْعٍ مِنْ أَنْوَاعِ الْقَافِيَةِ الْمُطْلَقَةِ يُوصَلُ بِالْمَدِّ أَوِ الْهَاءِ أَوِ الْكَافِ أَوِ التَّاءِ أَوِ الْمِيمِ ، فَهَذِهِ خَمْسَةَ عَشَرَ نَوْعًا لِلْقَافِيَةِ الْمُطْلَقَةِ نَاتِجَةً مِنْ ضَرْبِ أَنْوَاعِهَا الثَّلَاثَةِ فِي أَنْوَاعِ الْوَصْلِ الْخَمْسَةِ ، فَإِذَا أُضِيفَتْ هَذِهِ الْأَنْوَاعُ الْخَاصَّةُ بِالْقَافِيَةِ الْمُطْلَقَةِ إِلَى الْأَنْوَاعِ الثَّلاثَةِ الْخَاصَّةِ بِالْقَافِيَةِ الْمُقَيَّدَةِ يَنْتُجُ لَنَا مِنْ أَنْوَاعِ الْقَافِيَةِ بِاعْتِبَارِ ضَبْطِ رَوِيِّهَا ثَمَانِيَةَ عَشَرَ نَوْعًا ، وَاللهُ أَعْلَمُ وَقَدْ أَشَرْتُ إِلَى ذَلِكَ بِقَوْلِي : ثُمَّ الْقَوَافِي بِاعْتِبَارَاتٍ وَفَتْ *** قَدْ عُدِّدَتْ وَقُسِّمَتْ وَصُنِّفَتْ فَقَسَّمُوهَا بِاعْتِبَارِ مَا انْضَبَطْ *** بِهِ رَوِيُّهَا لِثِنْتَيْنِ فَقَطْ فَإِنْ تَحَرَّكَ الرَّوِيُّ أَوْ وُصِلْ *** فَهَذِهِ مُطْلَقَةٌ كَمَا نُقِلْ وَإِنْ يَكُنْ رَوِيُّهَا قَدْ قَيَّدَهْ *** رَاوٍ بِتَسْكِينٍ فَذِي الْمُقَيَّدَهْ وَكُلُّ نَوْعٍ مِنْهُمَا قَدْ وَرَدَا *** مَرِدُوفًا اوْ مُؤَسَّسًا أَوْ جُرِّدَا وَذَاتُ إِطْلَاقٍ بِكُلٍّ تُوصَلُ *** بِالْمَدِّ أَوْ بِالْهَاءِ كُلٌّ يُنْقَلُ وَقَدْ أَتَتْ مَوْصُولَةً بِالْكَافِ *** أَوْ تَاءٍ اوْ مِيمٍ بِلَا خِلَافِ فَهَذِهِ خَمْسَةَ عَشْرَ فَرْعَا *** لِذَاتِ إِطْلَاقٍ تُضَافُ قَطْعَا وَجَاءَ لِلْأُخْرَى مِنَ الْأَصْنَافِ *** ثَلَاثَةٌ مِنْ هَذِهِ الْقَوَافِي فَجُمْلَةُ الْأَصْنَافِ فِي الْمِيزَانِ *** عَشَرَةٌ وَفَوْقَهَا ثَمَانِ وَمِمَّا هُوَ جَدِيرٌ بِالذِّكْرِ أَنَ الشَّيْخَ ـ رَحِمَهُ اللهُ ـ لَمْ يَسْتَوْعِبْ فِي نَظْمِهِ كُلَّ هَذِهِ الْأَصْنَافِ مِنَ الْقَوَافِي ؛ لِأَنَّهُ اقْتَصَرَ عَلَى الْوَصْلِ بِالْمَدِّ وَالْهَاءِ بَقِيَ أَنْ أُشِيرَ إِلَى بَعْضِ الْأُمُورِ الَّتِي تَتَعَلَّقُ بِأَبْيَاتِ الشَّيْخِ : 1 ـ قَوْلُهُ : ( مِنْ بَعْضِ ) إِشَارَةٌ إِلَى قَوْلِ الشَّاعِرِ : حَمِدْتُ إِلَهِي بَعْدَ عُرْوَةَ إِذْ نَجَا *** خِراشٌ وَبَعْضُ الشَّرِّ أَهْوَنُ مِنْ بَعْضِ 2 ـ قَوْلُهُ : ( كَالْحَمَاسِي ) بِيَاءِ النِّسْبَةِ الْمُخَفَّفَةِ مِنَ الثَّقِيلَةِ لِلضَّرُورَةِ 3 ـ فِي قَوْلِ الْحَمَاسِيِّ : ( أَلَا فَتَى ) دَخَلَتْ هَمْزَةُ الِاسْتِفْهَامِ عَلَى : ( لَا ) النَّافِيَةِ لِلْجِنْسِ ، وَمِنَ الْمَعْلُومِ أَنَّ : ( لَا ) النَّافِيَةَ لِلْجِنْسِ تُعْطَى مَعَ هَمْزَةِ الِاسْتِفْهَامِ مَا تَسْتَحِقُّهُ دُونَ الِاسْتِفْهَامِ ، يَقُولُ ابْنُ مَالِكٍ : وَأَعْطِ لَا مَعْ هَمْزَةِ اسْتِفْهَامِ *** مَا تَسْتَحِقُّ دُونَ الِاسْتِفْهَامِ إِذَنْ فَهِيَ بَاقِيَةٌ عَلَى عَمَلِهَا ، سَوَاءٌ قُصِدَ الِاسْتِفْهَامُ عَنِ النَّفْيِ ، أَوْ نُقِلَ إِلَى مَعْنَى التَّوْبِيخِ أَوْ إِلَى مَعْنَى التَّمَنِّي ؛ وَعَلَيْهِ فَكَلِمَةُ : ( فَتَى ) فِي الْبَيْتِ تُعْرَبُ اسْمًا لِـ ( لَا ) النَّافِيَةِ لِلْجِنْسِ مَبْنِيًّا عَلَى الْفَتْحِ الْمُقَدَّرِ عَلَى الْأَلِفِ فِي مَحَلِّ نَصْبٍ . لَكِنْ أَيْنَ التَّنْوِينُ ؟ ذَهَبَ التَّنْوِينُ ؛ إِذْ لَا وَجْهَ لِبَقَائِهِ مَعَ الْبِنَاءِ ـ وَإِنْ كَانَ التَّنْوِينُ فِي الْأَصْلِ لَيْسَ عَلَامَةَ إِعْرَابٍ ـ ، وَهَذَا كَقَوْلِهِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ : ( لَا حِمَى إِلَّا للهِ .. ) ، وَقَوْلِهِ : ( لَا غِنَى لِي عَنْ بَرَكَتِكَ ) . قَالَ فِي إِرْشَادِ السَّارِي : قَوْلُُه : ( وَلَكِنْ لَا غِنَى لِي عَنْ بَرَكَتِكَ ) بِكَسْرِ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ ، وَالْقَصْرِ مِنْ غَيْرِ تَنْوِينٍ عَلَى أَنَّ : ( لَا ) لِنَفْيِ الْجِنْسِ . وَقَالَ أَيْضًا : قَوْلُُه : ( لَا حِمَى إِلَّا للهِ وَلِرَسُولِهِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ ) الْحِمَى بِكَسْرِ الْحَاءِ ، وَفَتْحِ الْمِيمِ مِنْ غَيْرِ تَنْوِينٍ مَقْصُورًا . إِذَنْ لَا وَجْهَ لِبَقَاءِ التَّنْوِينِ إِذَا وَقَعَ الْمَقْصُورُ اسْمًا لِ ( لَا ) النَّافِيَةِ لِلْجِنْسِ مَبْنِيًّا ، كَمَا لَا وَجْهَ لِبَقَائِهِ إِذَا وَقَعَ مُنَادًى مَبْنِيًّا ؛ إِذْ نَقُولُ : يَا فَتَى بِدُونِ تَنْوِينٍ بِاتِّفَاقِ النَّحْوِيِّينَ إِذَا كَانَتِ الْكَلِمَةُ نَكِرَةً مَقْصُودَةً ، وَإِنْ كَانُوا قَدِ اخْتَلَفُوا فِي رُجُوعِ الْأَلِفِ بَعْدَ حَذْفِ التَّنْوِينِ اخْتِلَافَهُمْ فِي رُجُوعِ يَاءِ : قَاضٍ عِنْدَ النِّدَاءِ ، وَإِنْ كَانَ الْمُخْتَارُ عِنْدِي رُجُوعَهَا . الْمُهِمُّ أَنَّ هَذَا أَعْنِي ـ حَذْفَ التَّنْوِينِ مِنْ كَلِمَةِ : ( فَتًى ) ـ هُوَ الْوَاجِبُ إِذَا وَقَعَتِ الْكَلِمَةُ مَبْنِيَّةً ، لَكِنِ الْمُلَاحَظُ أَنَّ مِنَ الْعُلَمَاءِ مَنْ يُبْقِي عَلَى الْمَقْصُورِ مُنَوَّنًا بَعْدَ : ( لَا ) فَهَلْ لِذَلِكَ مِنْ وَجْهٍ ؟ أَقَولُ : إِنَّمَا يَصِحُّ ذَلِكَ لَوِ اعْتَبَرْنَا ( لَا ) مُهْمَلَةً كَمَا نَقَولُ : لَا رَجَلٌ فِي الْبَيْتِ ؛ فَهِيَ إِنْ نُوِّنَتْ تَكُونُ مُبْتَدَأً مَرْفُوعًا بِضَمَّةٍ مُقَدَّرَةٍ عَلَى الْأَلِفِ وَتَكُونُ ( لَا ) مُهْمَلَةً ، وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ هُنَاكَ ضَرُورَةٌ لِبَقَاءِ التَّنْوِينِ ، يَقُولُ السُّيُوطِيُّ : ( فَإِنْ نُوِّنَ مَقْصُورٌ ) نَحْوُ يَا فَتًى لِلضَّرُورَةِ ( بُنِي ) النَّعْتُ .... الخ وَفِي بَيْتِ الْحَمَاسِيِّ هَذَا لَا نَجِدُ ضَرُورَةً لِلتَّنْوِينِ ؛ إِذِ الْوَزْنُ بِهِ وَبِدُونِهِ مُسْتَقِيمٌ ؛ وَعَلَيْهِ فَلَا يَجُوزُ التَّنْوِينُ فِي الْبَيْتِ إِلَّا عَلَى وَجْهِ إِهْمَالِ : ( لَا ) ، هَذَا مَا أَرَاهُ ، وَاللهُ أَعْلَمُ . 4 ـ قَوْلُهُ : ( ذَامَا ) بِالْمِيمِ الْمُخَفَّفَةِ لِلْوَزْنِ إِشَارَةُ إِلَى قَوْلِهِ : أَلَا قَالَتْ بُثَيْنَةُ إِذْ رَأَتْنِي *** وَقَدْ لَا تَعْدَمُ الْحَسْنَاءُ ذَامَا 5 ـ قَوْلُهُ : ( كَعَفَتِ الدِّيَارُ ) إِشَارَةٌ إِلَى قَوْلِهِ : عَفَتِ الدِّيَارُ مَحَلُّهَا فَمُقَامُهَا *** بِمِنًى تَأَبَّدَ غَوْلُهَا فَرِجَامُهَا 6 ـ ضَبَطْتُ قَوْلَهُ : ( بِاللِّينِ ) بِكَسْرِ اللَّامِ خِلَافًا لِمَا جَرَيْتُ عَلَيْهِ فِي الضَّبْطِ ؛ حَتَّى لَا أُوقِعَ الشَّيْخَ ـ رَحِمَهُ اللهُ ـ فِي سِنَادِ الْحَذْوِ ، ثُمَّ إِنَّ قَوْلَهُ : ( كِلِينِي ) إِشَارَةٌ إِلَى قَوْلِهِ : كِلِينِي لِهَمٍّ يَا أُمَيْمَةَ نَاصِبِ *** وَلَيْلٍ أُقَاسِيهِ بَطِيءِ الْكَوَاكِبِ 7 ـ قَوْلُهُ : ( يَحْكِي عَلَيْنَا إِلَّا ) إِشَارَةٌ إِلَى قَوْلِهِ : فِي لَيْلَةٍ لَا تَرَى بِهَا أَحَدًا *** يَحْكِي عَلَيْنَا إِلَّا كَوَاكِبُهَا 8 ـ قَوْلُهُ : ( الْحَبْلُ وَاهٍ ) إِشَارَةٌ إِلَى قَوْلِهِ : أَتَهْجُرُ غَانِيَةٌ أَمْ تُلِمّْ *** أَمِ الْحَبْلُ وَاهٍ بِهَا مُنْجَزِمْ 9 ـ قَوْلُهُ : ( وَكُلُّ عَيْشٍ صَارَ لِلزَّوَالِ ) إِشَارَةٌ إِلَى قَوْلِ الشَّاعِرِ : كُلُّ عَيْشٍ صَائِرٌ لِلزَّوَالْ وَلْيُعْلَمُ أَنَّ النَّاظِمَ لِلضَّرُورَةِ أَطْلَقَ الرَّوِيَّ فِي نَظْمِهِ مَعَ أَنَّهُ مُقَيَّدٌ فِي الشَّاهِدِ ؛ فَالْقَافِيَةُ كَمَا نَعْلَمُ مُقَيَّدَةٌ مَرْدُوفَةٌ . 10 ـ قَوْلُهُ : ( تَامِرْ ) إِشَارَةٌ إِلَى قَوْلِ الشَّاعِرِ : وَغَرَرْتَنِي وَزَعَمْتَ أَنَّكَ ( م ) لَابِنٌ فِي الصَّيْفِ تَامِرْ وَقَدْ قَيَّدْتُ الْقَافِيَةَ فِي النَّظْمِ مَعَ صِحَّةِ الْإِطْلَاقِ اتِّبَاعًا لِلشَّاهِدِ ؛ فَالْقَافِيَةُ فِيهِ مُقَيَّدَةٌ ، ثُمَّ إِنَّ الْوَزْنَ بِالتَّقْيِيدِ فِي نَظْمِ الشَّيْخِ صَحِيحٌ مُلَاحَظَةٌ : مِنِ اسْتِعْرَاضِنَا لِهَذِهِ الْأَصْنَافِ نَجِدُ أَنَّهُ لَا يَجْتَمِعُ رِدْفٌ وَتَأْسِيسٌ فِي بَيْتٍ ؛ وَبِالتَّالِي لَا يُوجَدُ رِدْفٌ وَدَخِيلٌ فِيهَا يُتْبَعُ ـ إِنْ شَاءَ اللهُ ـ |
#59
|
|||
|
|||
![]()
وَحَرَكَاتٌ أَرْبَعٌ تَوَالَتْ *** بِسَاكِنَيْ قَافِيَةٍ قَدْ جَاءَتْ 1
فَالْمُتَكَاوِسُ الَّذِي قَدْ قَالُوا *** إِلَيْكَ مِنْهُ ذَلِكَ الْمِثَالُ 2 ( قَدْ جَبَرَ الدِّينَ الْإِلَهُ فَجَبَرْ *** وَعَوَّرَ الرَّحْمَنُ مَنْ وَلَّى الْعَوَرْ ) 3 وَإِنْ أَتَتْ ثَلَاثُ حَرَكَاتِ*** بَيْنَهُمَا أَيْضًا وَمَوْصُولَاتِ 4 فَالْمُتَرَاكِبُ الَّذِي فِعْلًا وَقَعْ *** كَقَوْلِهِ ( أَخُبُّ فِيهَا وَأَضَعْ ) 5 وَإِنْ أَتَتْ بَيْنَهُمَا اثْنَتَانِ *** فَمُتَدَارِكٌ بَدَا لِلرَّانِي 6 وَإِنْ تَجِئْ وَاحِدَةٌ بَيْنَهُمَا *** فَالْمُتَوَاتِرُ الَّذِي قَدْ عُلِمَا 7 وَإِنْ تَجِدْهَا سَاكِنَاهَا اجْتَمَعَا *** فَالْمُتَرَادِفُ الَّذِي قَدْ سُمِعَا 8 ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ شَرَعَ الشَّيْخُ ـ رَحِمَهُ اللهُ ـ يُبَيِّنُ تَصْنِيفًا آخَرَ لِلْقَافِيَةِ بِاعْتِبَارِ عَدَدِ الْحُرُوفِ الْمُتَحَرِّكَةِ الْوَاقِعَةِ بَيْنَ السَّاكِنَيْنِ ، وَخُلَاصَةُ الْقَوْلِ فِي ذَلِكَ أَنَّ الْقَافِيَةَ إِذَا الْتَقَى سَاكِنَاهَا دُونَ أَنْ يَكُونَ بَيْنَهُمَا شَيْءٌ فَهِيَ الْمُتَرَادِفُ ، وَإِذَا وَقَعَ حَرْفٌ بَيْنَ سَاكِنَيْهَا فَهِيَ الْمُتَوَاتِرُ ، وَإِنْ أَتَى بَيْنَهُمَا اثْنَانِ فَهِيَ الْمُتَدَارِكُ ، وَإِنْ كَانَ مَا بَيْنَ سَاكِنَيْهَا ثَلَاثَةَ أَحْرُفٍ فَهِيَ الْمُتَرَاكِبُ ، أَمَّا إِذَا فَصَلَ بَيْنَ سَاكِنَيْهَا أَرْبَعَةٌ فَهِيَ الِْمُتَكَاوِسُ هَذَا مُجْمَلُ مَا أَشَارَ إِلَيْهِ الشَّيْخُ . وَالْآنَ أُعَلِّقُ عَلَى الْأَبْيَاتِ : 1 ـ الرَّوِيُّ فِي قَوْلِهِ : وَحَرَكَاتٌ أَرْبَعٌ تَوَالَتْ *** بِسَاكِنَيْ قَافِيَةٍ قَدْ جَاءَتْ هُوَ تَاُء التَّأْنِيثِ ، وَقَدْ قَيَّدْتُهُ ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ في التَّاءِ السُّكُونُ ، ثُمَّ إِنَّ وَزْنَ الرَّجَزِ مُسْتَقِيمٌ بِالتَّقْيِيدِ ، وَلَا حَاجَةَ لِلْإِطْلَاقِ ـ وَإِنْ جَازَ ـ 2 ـ لَا أَدْرِي عَلَى أَيِّ وَجْهٍ رَفَعَ الشَّيْخُ كَلِمَةَ : ( الْمِثَالُ ) فِي قَوْلِهِ : فَالْمُتَكَاوِسُ الَّذِي قَدْ قَالُوا *** إِلَيْكَ مِنْهُ ذَلِكَ الْمِثَالُ إِنَّ الْكَلِمَةَ لَا تَخْرُجُ عَنْ كَوْنِهَا بَدَلًا أَوْ عَطْفَ بَيَانٍ لِكَلِمَةِ : ( ذَلِكَ ) ، وَكَلِمَةُ : ( ذَلِكَ ) اسْمُ إِشَارَةٍ مَبْنِيٌّ فِي مَحَلِّ نَصْبٍ مَفْعُولٌ بِهِ لِاسْمِ الْفِعْلِ : ( إِلَيْكَ ) ؛ فَالْوَاجِبُ إِذَنْ أَنْ يَكُونَ الضَّبْطُ هَكَذَا : فَالْمُتَكَاوِسُ الَّذِي قَدْ قَالُوا *** إِلَيْكَ مِنْهُ ذَلِكَ الْمِثَالَا وَلَكِنْ بِهَذَا الضَّبْطِ يَكُونُ الشَّيْخُ قَدْ جَمَعَ فِي الرَّوِيِّ بَيْنَ الْفَتْحِ وَالضَّمِّ ، وَهَذَا هُوَ الْإِصْرَافُ ، وَهُوَ مَعِيبٌ ، وَلَوْ أَنَّهُ ـ رَحِمَهُ اللهُ ـ قَالَ : فَالْمُتَكَاوِسُ الْخَلِيلُ قالا *** إِلَيْكَ مِنْهُ ذَلِكَ الْمِثَالَا لَسَلِمَ مِنْ ذَلِكَ . قَدْ يُقَالُ : أَلَا يَجُوزُ أَنْ نَقُولَ : إِنَّ الْكَلِمَةَ مَنْصُوبَةٌ بِفَتْحَةٍ مُقَدَّرَةٍ مَنَعَ مِنْ ظُهُورِهَا اشْتِغَالُ الْمَحَلِّ بِحَرَكَةِ الْقَافِيَةِ كَمَا يَقُولُ النَّحْوِيُّونَ ؟ وَالْجَوَابُ : هَذَا لَا يَرْتَضِهِ أَهْلُ الْعَرُوضِ ؛ إِذْ إِنَّهُمْ يَقْرَءُونَ الْكَلِمَةَ عَلَى حَسَبِ مَا يَقْتَضِيهِ الْعَامِلُ مِنْ أَوْجُهِ الْإِعْرَابِ بِغَضِّ النَّظَرِ عَنْ حَرَكَةِ الرَّوِيِّ . 3 ـ فِي قَوْلِهِ : قَدْ جَبَرَ الدِّينَ الْإِلَهُ فَجَبَرْ شَاهِدٌ لِلْمُتَكَاوِسُ ؛ حَيْثُ إِنَّ الْقَافِيَةَ تَبْدَأُ مِنْ لَامِ الْإِلَهِ وَتَنْتَهِي بِالرَّاءِ فَوَقَعَ بَيْنَ السَّاكِنَيْنِ ـ وَهُمَا الْأَلِفُ وَالرَّاءُ ـ أَرْبَعَةُ حُرُوفٍ 4 ـ هَذَا الْبَيْتُ مَكْسُورٌ وَزْنُ شَطْرِهِ الْأَوَّلِ : وَإِنْ أَتَتْ ثَلَاثُ حَرَكَاتِ ثُمَّ إِنَّ ضَبْطَ الشَّيْخِ لِكَلِمَةِ : ( مَوْصُولَاتِ ) كَمَا فِي النُّسْخَةِ الْمَطْبُوعَةِ بِكَسْرِ التَّاءِ لَا أَدْرِي : مَا وَجْهُهُ ، فَهَلْ عَطَفَ الشَّيْخُ الْكَلِمَةَ عَلَى كلمة : ( حركات ) ؟ إِنَّ الْمُفْتَرَضَ فِي الْكَلِمَةِ أَنْ تَكُونَ صِفَةً لِكَلِمَةِ : ( ثَلَاثُ ) أَوْ لِكَلِمَةِ : ( حَرَكَاتِ ) ، لَكِنْ مَعَ وُجُودِ الْعَاطِفِ يُمْكِنُ الْقَوْلُ أَنَّهَا خَبَرٌ لِمُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ تَقْدِيرُهُ : وَهِيَ مَوْصُولَاتٌ ؛ وَعَلَى هَذَيْنِ الِاعْتِبَارَيْنِ فَالْكَلِمَةُ مَرْفُوعَةٌ غَيْرُ مَجْرُورَةٍ ، وَلَوْ أَنَّهُ ـ رَحِمَهُ اللهُ ـ قَالَ : وَإِنْ ثَلَاثُ حَرَكَاتٍ انْجَلَتْ *** بَيْنَ السُّكُونَيْنِ وَقَدْ تَوَاصَلَتْ لَاسْتَقَامَ الْأَمْرُ . 5 ـ فِي قَوْلِهِ : أَخُبُّ فِيهَا وَأَضَعْ شَاهِدٌ لِلْمُتَرَاكِبِ ؛ حَيْثُ وَقَعَ بَيْنَ سَاكِنَيِ الْقَافِيَةِ ـ وَهُمَا الْأَلِفُ وَالْعَيْنُ ـ ثَلَاثَةُ حُرُوفٍ مُتَحَرِّكَةٌ . 6 ـ لَمْ يُمَثِّلِ الشَّيْخُ لِلْمُتَدَارِكِ ، وَمِثَالُهُ : تَسَلَّتْ عَمَايَاتُ الرِّجَالِ عَنِ الصِّبَا *** وَلَيْسَ فُؤَادِي عَنْ هَوَاكِ بَمُنْسَلِ 7 ـ مِثَالُ الْمُتَوَاتِرِ قَوْلُهُ : يُذَكِّرُنِي طُلُوعُ الشَّمْسِ صَخْرًا *** وَأَذْكُرُهُ بِكُلِّ مَغِيبِ شَمْسِ 8 ـ وَمِثَالُ الْمُتَرَادِفِ قَوْلُهُ : هَذِهِ دَارُهُمْ أَقْفَرَتْ *** أَمْ زُبُورٌ مَحَتْهَا الدُّهُورْ وَإِلَى مَا تَقَدَّمَ أَشَرْتُ بِقَوْلِي : وَانْقَسَمَتْ لِخَمْسَةٍ بِمَا أَتَى *** فِي الْحَشْوِ بَيْنَ السَّاكِنَيْنِ يَا فَتَى فَالْمُتَرَادِفُ الَّتِي تَرَادَفَا *** فِيهَا السُّكُونَانِ وَحَشْوٌ مَا وَفَى وَالْمُتَوَاتِرُ مِنَ الْقَوَافِي *** مَا الْحَشْوُ فِيهَا وَاحِدٌ يُوَافِي وَالْمُتَدَارِكُ الَّتِي تَوَالَى *** فِي حَشْوِهَا حَرْفَانِ لَا جِدَالَا وَالْمُتَرَاكِبُ الَّتِي فِي حَشْوِهَا *** ثَلَاثَةٌ مِنَ الْحُرُوفِ فَارْوِهَا وَغَايَةُ الْحَشْوِ حُرُوفٌ أَرْبَعَهْ *** وَسَمِّهَا بِالْمُتَكَاوِسِ مَعَهْ وَإِنَّمَا قُلْتُ : وَغَايَةُ الْحَشْوِ حُرُوفُ أَرْبَعَةٌ ؛ لِأَنَّهُ لَا يَجْتَمِعُ فِي الشِّعْرِ خَمْسُ حَرَكَاتٍ . مُلَاحَظَةٌ : جَعَلَ الشَّيْخُ ـ كَأَصْلِهِ ـ الْكَلِمَاتِ : الْمُتَرَادِفَ وَالْمُتَوَاتِرَ وَالْمُتَدَارِكَ وَالْمُتَرَاكِبَ وَالْمُتَكَاوِسَ مُذَكَّرَةً ، فَوَصَفَهَا بِالَّذِي ، وَأَعَادَ عَلَيْهَا ضَمِيرَ الْمُذَكَّرِ ؛ بِاعْتِبَارِ اللَّفْظِ ، وَجَعَلْتُهَا مُؤَنَّثَةً بِاعْتِبَارِهَا أَسْمَاءً وَأَلْقَابًا لِلْقَافِيَةِ ، وَهِيَ مُؤَنَّثَةٌ . وَمِمَّا هُوَ جَدِيرٌ بِالذِّكْرِ أَنَّ كُلَّ هَذِهِ الْأَسْمَاءِ تُلْفَظُ بِصِيغَةِ اسْمِ الْفَاعِلِ . وَأَخِيرًا تَلْزَمُ الْإِشَارَةُ إِلَى أَنَّ الْقَصِيدَةَ الْوَاحِدَةَ قَدْ تَضُمُّ قَوَافِيهَا بَعْضَ هَذِهِ الْأَنْوَاعِ مِنَ الْقَوَافِي ، فَبَحْرَا الْخَفِيفِ وَالرَّمَلِ مَثَلًا يُمْكِنُ أَنْ يَجْتَمِعَ فِي قَوَافِيهِمَا الْمُتَدَارِكُ وَالْمُتَرَاكِبُ ؛ حَيْثُ يُمْكِنُ إِذَا كَانَ الضَّرْبُ مَحْذُوفًا أَنْ يُخْبَنَ أو لَا ؛ فَيَقَعَ بَيْنَ السَّاكِنَيْنِ ثَلَاثَةٌ ، أَوِ اثْنَانِ ؛ وَبِهَذَا يُمْكِنُ أَنْ يَجْتَمِعَ الْمُتَرَاكِبُ وَالْمُتَدَارِكُ . كَمَا يَجَوزُ أَنْ يَقَعَ هَذَانِ بِأَضْرُبِ الرَّجَزِ مُضَافًا إِلَيْهِمَا الْمُتَكَاوِسُ ؛ إِذْ صَحَّ أَنْ يَكُونَ الضَّرْبُ مَخْبُونًا ، فَيَقَعَ بَيْنَ السَّاكِنَيْنِ حَرْفَانِ ، وَيُمْكِنُ أَنْ يُطْوَى ، فَيَقَعَ بَيِنَهُمَا ثَلَاثَةُ حُرُوفٍ ، وَيُمْكِنُ أَنْ يُخْبَلَ ، فَيَقَعَ بَيْنَ السَّاكِنَيْنِ أَرْبَعَةُ حُرُوفٍ ، وَمِنْ هُنَا جَازَ فِي الرَّجَزِ اجْتِمَاعُ الْمُتَدَارِكِ وَالْمُتَرَاكِبِ وَالْمُتَكَاوِسِ ، وَإِنَّمَا جَازَ وُقُوعُ هَذِهِ الْأَنْوَاعِ الثَّلَاثَةِ مِنَ الْقَوَافِي فِي الرَّجَزِ ؛ لِجَوَازِ الْمُكَانَفَةِ فِيهِ . وَإِلَى هَذَا أَشَرْتُ بِقَوْلِي : هَذَا وَقَدْ جَازَ بِلَا خِلَافِ *** جَمْعٌ لِبَعْضِ هَذِهِ الْقَوَافِي فَالضَّرْبُ فِي بَحْرِ الْخَفِيفِ وَالرَّمَلْ *** عَلَى التَّدَارُكِ التَّرَاكُبِ اشْتَمَلْ إِذْ جَازَ فِي الْمَحْذُوفِ أَنْ يَكُونَا *** بِدُونِ خَبْنٍ أَوْ يَجِي مَخْبُونَا وَجَازَ مَعْ ذَيْنِ بِضَرْبِ الرَّجَزِ *** تَكَاوُسٌ إِنْ صَحَّ فلْتَحْتَرِزِ إِذْ جَازَ فِي أَجْزَائِهِ الْمُكَانَفَهْ *** أَيْ مَا تَشَا صِحَّةً اوْ مُزَاحَفَهْ فَجَازَ أَنْ يُخْبَنَ أَوْ أَنْ يُطْوَى *** وَالْخَبْلُ بِاجْتِمَاعِ ذَيْنِ يُرْوَى يُتْبَعُ ـ إِنْ شَاءَ اللهُ ـ |
#60
|
|||
|
|||
![]()
خَامِسًا: ( عُيُوبُهَا ) 1
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 1 ـ أَوَدُّ قَبْلَ أَنْ أَضْبِطَ أَبْيَاتَ الشَّيْخِ فِي عُيُوبِ الْقَافِيَةِ أَنْ أُمَهِّدَ لِلْأَمْرِ بْمُقَدِّمَةٍ أُبَيِّنُ فِيهَا الضَّوَابِطَ الَّتِي يَجِبُ الْتِزَامُهَا فِي الْقَوَافِي ، وَتَنْشَأُ الْعُيُوبُ عَنِ الْإِخْلَاِلِ بِهَا ، فَأَقُولُ ـ وَبِاللهِ التَّوْفِيقُ ـ : الْأَصْلُ فِي الْقَافِيَةِ أَلَّا تَتَعَلَّقَ بِمَا يَلِيهَا ، وَأَلَّا تَتَكَرَّرَ بِلَفْظِهَا وَمَعْنَاهَا دُوَن سَبْعَةِ أَبْيَاتٍ . ثُمَّ إِنَّهُ يَجِبُ الْتِزَامُهَا بِعَيْنِهَا حُرُوفًا وَحَرَكَاتٍ إِلَّا الدَّخِيلَ ، فَلَا يَجِبُ الْتِزَامُهُ بِعَيْنِهِ ، وَإِنَّمَا يَنْبَغِي الْتِزَامُهُ بِمِثْلِهِ . هَذَا هُوَ الْأَصْلُ فِي الْقَوَافِي ، فَإِذَا اخْتَلَّ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ كَانَ مَعِيبًا أَوْ عَيْبًا فِي الْقَافِيَةِ . ثُمَّ إِنَّهُ عِنْدَ الِاخْتِلَافِ يُعْتَبَرُ قُرْبُ الْمَخَارِجِ وَبُعْدُهَا عَنْ بَعْضِهَا أَسَاسًا لِلْحُكْمِ عَلَى هَذَا الْعَيْبِ ، فَإِذَا اخْتَلَفَتِ الْحُرُوفُ ، وَجَاءَتْ بَعِيدَةَ الْمَخَارِجِ كَانَتْ أَشَدَّ قُبْحًا مِنَ الْحُرُوفِ الْمُتَقَارِبَةِ فِي الْمَخَارِجِ ، غَيْرَ أَنَّهُمْ يَسْتَقْرِبُونَ الْوَاوَ مِنَ الْيَاءِ ، فَيُجَوِّزُونَ الْجَمْعَ بَيْنَهُمَا فِي الْأَرْدَافِ . هَذَا بِالنِّسْبَةِ لِلْحُرُوفِ ، وَأَمَّا بِالنِّسْبَةِ لِلِاخْتِلَافِ فِي الْحَرَكَاتِ فَإِنَّ الْعُلَمَاءَ يَسْتَقْرِبُونَ الضَّمَّ مِنَ الْكَسْرِـ كَمَا يَسْتَقْرِبُونَ الرِّدْفَ مِنْ حَرْفَيْهِمَا ـ فَيُجَوِّزُونَ الْجَمْعَ بَيْنَهُمَا ، وَإِنْ كَانَ الِاتِّفَاقُ أَفْضَلَ وَأَحْسَنَ ، أَمَّا الْجَمْعُ بَيْنَ الْفَتْحَةِ وَغَيْرِهَا مِنَ الْحَرَكَاتِ فَهُوَ قَبِيحٌ لَا يَجُوزُ ، كَمَا أَنَّ الْجَمْعَ بَيْنَ الْأَلِفِ وَالْوَاوِ أَوِ الْيَاءِ قَبِيحٌ غَيْرُ جَائِزٍ . مِمَّا سَبَقَ يَتَّضِحُ أَنَّ الِاتِّفَاقَ فِي حُرُوفِ الْقَافِيَةِ وَحَرَكَاتِهَا مَطْلُوبٌ ، وَأَنَّ الِاخْتِلَافَ فِيهَا يُعَدُّ عَيْبًا ؛ وَمِنْ هُنَا ـ بِالْإِضَافَةِ إِلَى التَّعْلِيقِ وَالتَّكْرَارِ ـ تَنْتُجُ عُيُوبُ الْقَوَافِي ، وَهِيَ ثَمَانِيَةٌ : التَّضْمِينُ وَالْإِيطَاءُ وَالْإِكْفَاءُ وَالْإِجَازَةُ وَالْإِقْوَاءُ وَالْإِصْرَافُ وَالتَّحْرِيدُ وَالسِّنَادُ . وَقَدْ أَشَرْتُ إِلَى مَا تَقَدَّمَ بِقَوْلِي : وَعَيَّبُوا التَّعْلِيقَ فِي الْقَوَافِي *** وَأَنْ تُكَرَّرَ بِلَا اخْتِلَافِ وَالْتَزَمُوا الْوِفَاقَ فِيهَا كُلِّهَا *** بِعَيْنِهَا أَقُولُ لَا بِمِثْلِهَا إِلَّا الدَّخِيلَ فَالْتِزَامُهُ بِهَا *** بِالْمِثْلِ لَا بِالْعَيْنِ فَلْتَنْتَبِهَا وَمَا عَدَا ذَلِكَ فَالْخِلَافُ *** مُقَبَّحٌ كَمَا رَوَى الْأَسْلَافُ وَاعْتَبَرُوا الْمَخْرَجَ فِي الْخِلَافِ *** مُقَبِّحِينَ الْبُعْدَ إِنْ يُوَافِ لَكِنْ لِقُرْبِ الْيَاءِ مِنَ وَاوٍ فَقَدْ *** تَعَاقَبَا رِدْفًا كَمَا عَنْهُمْ وَرَدْ ثُمَّ بِبَعْضِ مَوْضِعٍ تَنَاوَبَا *** كَسْرٌ وَضَمٌّ حَيْثُ قَدْ تَقَارَبَا وَهَكَذَا الْوِفَاقُ فِيهَا أُوجِبَا *** وَالْخُلْفُ دُونَ مَا ذَكَرْنَا عُيِّبَا وَمِنْ هُنَا أَتَتْ عُيُوبُ الْقَافِيَهْ *** وَهْيَ كَمَا رَوَوْا لَنَا ثَمَانِيَهْ يُتْبَعُ ـ إنْ شَاءَ اللهُ ـ |
![]() |
أدوات الموضوع | |
|
|